نقابة الصحافيين اليمنيين ومأزق مواجهة المعاناة الإنسانية لأعضائها
- القدس العربي - أحمد الأغبري الأحد, 29 سبتمبر, 2019 - 08:51 مساءً
نقابة الصحافيين اليمنيين ومأزق مواجهة المعاناة الإنسانية لأعضائها

[ صورة تعبيرية ]

تصاعدت مؤخراً وتيرة الانتقادات الموجهة لنقابة الصحافيين اليمنيين من أعضائها، بما فيها انتقادات صادرة من قيادات نقابية؛ جراء ما يعتبره المنتقدون موقف النقابة السلبي من معاناة معظم أعضائها الذين يعيشون في مناطق سيطرة جماعة “أنصار الله” (الحوثيين).

 

واتهم المنتقدون نقابتهم بما اعتبروه (تسييس) عملها، والتقصير في الضغط على الحكومة باتجاه صرف رواتب الصحافيين في مؤسسات الإعلام الحكومي بصنعاء (غالبية أعضاء النقابة) وهي الرواتب الموقوفة منذ ثلاث سنوات؛ ما استاءت معه ظروف الكثير منهم، وصار البعض يعمل في مهن شاقة.

 

وتداول ناشطون يمنيون في مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخراً، صورة لأحد الإعلاميين العاملين في مؤسسة “الثورة” للصحافة بصنعاء (أكبر صحيفة حكومية يمنية يومية) وهو يعمل في أحد الشوارع بصنعاء في تجميع قناني المياه المعدنية الفارغة لبيعها بالكيلوغرام.

 

ويُعدّ العمل في تجميع قناني المياه المعدنية الفارغة من الشوارع مهنة شاقة وعائدها زهيد جداً، ولا يلجأ لها إلا المضطر لتوفير أقل القليل من لقمة العيش الكريم.

 

وتضمّن عدد من المنشورات صورة ياسر الجبري، وهو يقف خلف عربية يدوية محملة بكيس كبير يحشو فيه قناني المياه الفارغة من أجل بيعها لإعادة تدويرها. وظهر في الصورة وقد تغير مظهره واستاءت حالته.

 

وفي خضم تواتر الانتقادات لقيادة النقابة واتهامها بتجاهل ما بلغت إليه معاناة معظم أعضاء النقابة، جاء الانتقاد هذه المرة من داخل مجلس النقابة (الهيئة الإدارية) من خلال رسالة لعضو المجلس عبد الله الصعفاني نشرها في صفحته في موقع “فيسبوك” اعتذر فيها عن عدم حضور اجتماع مجلس النقابة في القاهرة المقرر نهاية العام الجاري.

 

وبرر اعتذاره بموقف النقابة المتخاذل عن النظر في معاناة الصحافيين اليمنيين في الداخل جراء توقف صرف رواتبهم منذ ثلاثة أعوام، حيث يعانون أوضاعاً معيشية غاية في السوء بينما اقتصر صرف الرواتب على مَن عبأ استمارة (نازح) في عدن حتى ولو لم ينزح، على حد قوله.

 

وأشار إلى ما وصفه بتسييس عمل النقابة التي “لم تُقنِع مَن يتربع على السلطة هنا أو هناك بكونها ضمير المجتمع، وأنها بيت افتراضي للصحافيين، وليس تابعاً مسيساً لبعض قوى السياسة”.

 

وسخر الصعفاني، وهو من أبرز كتاب الأعمدة في اليمن، مما يسوّقه البعض من مبرر لعدم صرف رواتب الصحافيين. وقال إن “مجلس النقابة يتواطأ مع مسؤولين عيار افتراضي ثقيل يجزمون بغرور على أن كل مَن بقي في بيته ووسط أبنائه في صنعاء لا يستحق مرتبا لأنه حوثي حسب التوصيف البائس لمن يتحكمون بأرزاق الناس من المسؤولين، نقابة هذه حالها هي بلا شك قد تحولت إلى نكبة على أعضائها”.

 

لكن بعض الصحافيين انتقدوا موقف الصعفاني الرافض لحضور اجتماع القاهرة، معتبرين أن موقعه النقابي لا يمثله بل يمثل مَن انتخبوه الذين هم في أمس الحاجة لمن يحضر الاجتماع ويشرح معاناتهم.

 

وقال الصحافي معين النجري نائب مدير تحرير صحيفة “الثورة” بصنعاء: شخصياً أرفض اعتذار عبد الله الصعفاني عن حضور اجتماع مجلس النقابة الذي سيعقد في القاهرة. الصعفاني لا يمثل نفسه، لقد انتخبناه ليمثلنا. ويجب أن يحضر الاجتماع ويقول ما يجب أن يسمعه الآخرون ثم يخرج ليكتب لنا عما دار. أن عدم حضوره يعد إخلالاً بمسؤوليته تجاه الصحافيين.

 

وأضاف النجري، في منشور له على “فيسبوك”: ليس مطلوباً منه (أي الصعفاني) أن يصارع أحداً، فقط ينقل صوتنا، مثلما بقية أعضاء مجلس النقابة مطالبون بذلك. إن فقر وجوع كل صحافي في صنعاء معلق برقابهم.

 

ويشهد اليمن حرباً منذ أكثر من أربع سنوات تسببت في تدهور الأوضاع المعيشية وتدمير كثير من مقدرات البُنى التحتية والخدمية، وأصبح معها البلد يعيش أسوأ مأساة انسانية في التاريخ حسب تصنيف الامم المتحدة، باعتبار أن 22 مليون يمني صاروا بحاجة لمساعدات انسانية.

 

وتعد نقابة الصحافيين اليمنيين من أقدم المؤسسات النقابية اليمنية، وتأسست عام 1976وكان يُفترض أن تعقد مؤتمراً عاماً خامساً في فترة ما قبل الحرب لانتخاب نقيب ومجلس نقابة جديد إلا أن الأزمة السياسية والحرب حالت دون ذلك.

 

وعقد مجلس النقابة خلال سني الحرب الراهنة عدداً من الاجتماعات خارج اليمن. وشهدت العاصمة الأردنية عَمّان في شباط/فبراير 2016 اجتماعاً برعاية منظمة “يونيسكو” حضرته قيادات نقابية لبحث واقع معاناة الصحافيين اليمنيين؛ لكن الاجتماع لم يخرج بأي نتائج ايجابية.

 

وحسب مصدر نقابي فإن الاجتماع المقترح نهاية العام الجاري لمجلس النقابة في القاهرة سيناقش ما اعتبرها “موضوعات ساخنة” وفي مقدمتها كيفية الضغط على الحكومة باتجاه صرف مرتبات مؤسسات الإعلام الحكومي في صنعاء.

 

وفي حديث غير رسمي مع “القدس العربي” رفض أمين عام النقابة محمد شبيطة الاتهامات الموجهة للنقابة بتجاهل معاناة الصحافيين، وقال “نحن نعيش حالة حرب ونمر بظروف غير طبيعية وهناك جهود نبذلها، لكن لسنا ملزمين بالحديث عما نقوم به حتى التوصل لنتائج إيجابية”.


التعليقات