"الموقع بوست" يكشف خفايا ما يحدث في محافظة أبين لإسقاطها في يد القاعدة (تحقيق صحفي خاص)
- خاص الإثنين, 06 فبراير, 2017 - 11:53 مساءً

[ خريطة محافظة ابين ]

شكل انسحاب قوات تابعة للحزام الأمني من موقعي جبل "عكد" و"يسوف" في مديرية لودر بمحافظة أبين، الخميس الماضي، وبشكل مفاجئ ودون تنسيق مع السلطات الأمنية ولا الحكومة الشرعية، مصدر قلق، وأعاد مخاوف سقوط محافظة أبين تحت قبضة القاعدة مجدداً.
 
وقتل جنديان من قوات الحزام الأمني وأصيب خمسة آخرون بهجوم استهدف رتلا عسكريا أثناء انسحابه من "عكد" و"يسوف" قرب منطقة "أمصرة" في مديرية لودر.
 
وشهدت مديرية لودر تصعيداً في هجمات القاعدة بعد توعدها أواخر يناير الماضي  في بيان باستهداف قوات الحزام الأمني في مديرية لودر على خلفية استهدافه وملاحقة عناصر التنظيم، بحسب البيان.
 
وكانت قوات أمنية تابعة للواء (115) مشاة وكتيبة تابعة لعمليات اللواء الأول مشاة "جبل حديد" تم إرسالها من عدن إلى أبين، مسنودة من مسلحي القبائل المتحالفين مع الحكومة الشرعية، تصدت فجر السبت لهجوم شنه مقاتلو القاعدة على مقر إدارة الأمن في مدينة لودر.
 
وأكدت مصادر محلية متطابقة سقوط نحو 19 عنصراً من المهاجمين بين قتيل وجريح في اشتباكات عنيفة اندلعت بين الطرفين واستُخدم فيها مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
 
وفي حين قالت المصادر إن رجال الأمن والقبائل أجبروا مسلحي "القاعدة" على الانسحاب تاركين خلفهم جثث أربعة من أفرادهم، وأشارت إلى أن المئات من أفراد التنظيم يتجمعون في أنحاء من المنطقة، وأن توتراً يسود الأجواء تحسباً لاندلاع مواجهات جديدة، خاصة أن تنظيم القاعدة يحشد عناصره في مديريتي مودية والوضيع، بالإضافة إلى منطقة شقرة التي كانوا انسحبوا منها قبل يومين إثر وساطة قبلية.
 
وتوقعت المصادر أن ينفذ التنظيم هجمات على المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية والمقاومة في أبين.
 
شيطنة إعلامية
 
التطورات الأخيرة في محافظة أبين تزامنت مع ضخ إعلامي هدف إلى (شيطنة) المحافظة، بوصفها معقل القاعدة، ونشر أخبار مغلوطة، تفيد بوقوع ضربات صاروخية من بوارج أمريكية على مواقع للقاعدة في أبين، والتبشير بسقوطها مجدداً تحت قبضة القاعدة، وتورط في نشر تلك الأخبار المزيفة وكالات عالمية مثل رويترز وغيرها، إضافة إلى مواقع  ونشطاء محسوبون على المخلوع صالح والحوثي والإمارات، وتهدف تلك الأخبار إلى تكرار سيناريو البيضاء واستجلاب التدخل الأمريكي بإسناد من الإمارات التي تشرف على ملف مكافحة الإرهاب في اليمن.
 
جذور المشكلة
 
منذ أول لحظة بعد طرد مسلحي القاعدة من محافظة أبين ودخول قوات التحالف والشرعية إليها، برزت إلى السطح خلافات بين الإمارات ونائب رئيس الوزراء اللواء حسين عرب، الذي يتهمه الإماراتيون بدعم القاعدة، والذي رفض تشكيل قوات للحزام الأمني في أبين أسوة بباقي المحافظات، حتى لا يكون هناك ازدواج في المسؤوليات الأمنية، وعلى ذلك تم تكليف العميد عبدالله الفضلي مديراً لأمن أبين إلى جانب قيادته لقوات الحزام الأمني التابعة للإمارات، والتي ينتمي أغلب منتسبوها إلى مناطق الضالع ويافع وردفان.
 
كما أدت عمليات الاعتقالات والمداهمات للمنازل إلى استياء واسع بين أوساط الأهالي، وصدرت بيانات قبلية تندد بتلك الأعمال، وصولاً إلى الخلافات بين الفضلي وقيادات المناطق التابعة للحزام الأمني في أبين، مثل عبداللطيف السيد والعوباني وغيرهم، والذي انتهى ببيان يطالب بإقالة الفضلي.
 
إضافة إلى تكرار طلب الإمارات من الرئيس هادي بتغيير المحافظ السعيدي بآخر موال لها، وهو ما يرفضه هادي.
 
 كانت ردة فعل الإمارات استثناء أبين من جميع مشاريع الهلال الأحمر الإماراتي للعام 2017، إضافة إلى منع منتسبي الحزام الأمني في أبين من تسجيل أسمائهم ضمن قوات الأمن في أبين التابعة لوزارة الداخلية، وتصحيح أوضاعهم أسوة ببقية المحافظات، إلى أن تطور الخلاف منذ نحو شهرين إلى قطع الإمارات رواتب الحزام الأمني في أبين تمهيدا لانسحاب بعض الكتائب في مديرية لودر دون علم قيادة الحزام في أبين.
 
غضب إماراتي
 
وبالنظر إلى ما سبق يمكن وضعه في سياق الامتعاض الإماراتي من سياسة الرئيس هادي وفريقه في محافظة أبين التي تصفها بالمتساهلة مع القاعدة، وربما هدفت الإمارات بالفعل إلى إسقاط مناطق بيد القاعدة لإحراج الرئيس أمام التحالف العربي والمجتمع الدولي لإجباره على رفع يده عن مسقط رأسه، والرضوخ لمطالب عدة أبرزها تغيير المحافظ والتمكين لقوات الحزام الأمني التابعة لها، وإحراز مكسب جديد في مكافحة الإرهاب يدعم موقفها أمام واشنطن كـ"حليف" في الحرب ضد الإرهاب في المنطقة.
 
وكان مسؤول أمريكي كشف مشاركة قوات خاصة إماراتية في العملية التي نفذتها القوات الأمريكية ضد تنظيم القاعدة في البيضاء الأحد قبل الماضي.
 
إضافة إلى إتمام هدف الإمارات في استكمال السيطرة على الشريط الساحلي المطل على بحر العرب والذي لا يزال يواجه تحديا في المناطق التي تهاجمها القاعدة من حين لآخر لا سيما في منطقتي شقرة وأحور الساحليتين في محافظة أبين.
 
وكان الدكتور نبيل خوري، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية والرئيس السابق للبعثة السياسية الأمريكية في اليمن، كشف في برنامج "ما وراء الخبر" على قناة الجزيرة بأن العمليات العسكرية السابقة في اليمن -ولا سيما تلك التي نفذت بطائرات مسيرة- لم تؤد إلى إضعاف هذه التنظيمات، ولذلك وجب تنفيذ عملية أرضية وربما ستكون هناك عمليات مشابهة لملاحقة هذه التنظيمات على الأرض خاصة في جنوب اليمن.
 
وتابع أن هناك اتجاها أيضا للتركيز على تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، الموجود في اليمن، ولذلك سيكون هناك استهداف كبير له، والأمر لا يشكل تغييرا سياسيا، بل إعطاء أولوية أكبر للقضاء على هذين التنظيمين.
 
وحول عملية قيفة رداع يرى خوري أنها غير مرتبطة بالحرب الدائرة في اليمن بشكل مباشر، ولكن علاقتها بالنمو الذي يشهده تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة منذ بداية الأحداث خاصة خلال العامين الأخيرين.
 
ولا يرى المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية أي مضمون سياسي تعكسه العملية، لأن ترامب وإدارته مشغولون في جهات أخرى، مشيرا إلى أن القرار عسكري في المقام الأول، ويأتي امتدادا للتركيز الجديد على ملاحقة تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، والتي قال إنها لا تنتهي بالعمليات الدائرة في الموصل بالعراق أو في سوريا.
 
جهود تهدئة
 
قرصة الأذن الإماراتية -إن صحت التسمية- حدت بالرئيس هادي إلى تأخير عودته إلى العاصمة عدن بعد زيارته للعاصمة القطرية الدوحة وتعريجه لزيارة المملكة العربية السعودية ولقائه بوزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، الأحد، بحضور رئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان، والمستشار العسكري لوزير الدفاع اللواء ركن أحمد عسيري، وسلم خلالها الرئيس هادي رسالة إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز، بحسب الخبر الرسمي.
 
وكان هادي قد التقى بالسفير السعودي لدى اليمن و سفيري واشنطن ولندن وكان ملف مكافحة الإرهاب أبرز قضايا النقاش.
 
وأوفد الرئيس نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبدالملك المخلافي إلى أبوظبي للقاء وزير الخارجية الإماراتي  عبدالله بن زايد، في محاولة للتخفيف من غضب الإماراتيين، حيث أعرب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عن تقديره لدور دولة الإمارات الكبير في دعم إرادة الشعب اليمني من خلال القيادة السلطة الشرعية.
 
اللقاء حضره سفير الإمارات لدى اليمن ومساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون العسكرية والأمنية اللواء فارس محمد المزروعي. 
 
استقالة واتهامات
 
كل ما سبق حدا بالعميد عبدالله الفضلي  إلى تقديم استقالته من قيادة قوات الحزام الأمني والتي شن خلالها هجوماً عنيفا على الإمارات، متهماً إياها ربط الدعم المادي وتعزيز قواته بالذخيرة والمستلزمات بـ"تنازلات سياسية"، وقال الفضلي في رسالة الاستقالة بأن قيادة التحالف رفضت مقترحات بضربات استباقية للجماعات الإرهابية، وعرقلتهم لأي جهود للحصول على معلومات استخباراتية، وصولاً إلى سحب قوات تابعة للحزام الأمني دون أوامر من قائد الحزام الأمني في محافظة أبين.
 
استقالة الفضلي بحسب مراقبين تعد بمثابة "فك ارتباط" بين الحزام الأمني وإدارة أمن أبين التي بقي على رئاستها.

الحكومة انتهزت الفرصة وقررت الإبقاء على العميد الفضلي شريطة تقديم استقالته من الحزام الأمني وتوضيح الأسباب.
 
جاء ذلك بعد لقاء ساخن، السبت الماضي، ترأسه رئيس الوزراء د. أحمد عبيد بن دغر في معاشيق بحضور نائب وزير الداخلية اللواء علي ناصر لخشع، ومحافظي عدن اللواء عيدروس الزبيدي وأبين الدكتور الخضر السعيدي وقائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء فضل حسن، ومديري الأمن في المحافظتين اللواء شلال شايع والعميد عبدالله الفضلي، ووجه بن دغر بحسب مصادر انتقاداً لاذعا لمحافظ ومدير أمن أبين وطالبهم بسرعة وضع خطة أمنية عاجلة ومحكمة لمحاصرة وإجهاض بروز أي بؤر إرهابية.
 
وشدد بن دغر على عدم التهاون مع أي تقصير في هذا الجانب وسيتم محاسبة كل من يثبت تقصيره في أداء واجباته سواء على المستوى المركزي أو المحلي.
 
توبيخ بن دغر دفع مدير أبين إلى توجيه رسالة إلى كل أفراد الأمن التابعين لقيادة معسكر شرطة محافظة أبين إلى مباشرة أعمالهم مطالباً إياهم بالحضور إلى مقر إدارة أمن المحافظة والالتزام بالدوام الرسمي.
 
وتوعد الفضلي المتغيبين عن الحضور بالإجراءات القانونية، مشيراً إلى أنه سيعمل على الخصم من مرتباتهم في حال تخلف أي فرد عن الحضور، مبيناً أن المتغيبين طوال الشهر ستخصم رواتبهم فيما الغير ملتزمين سيخصم من رواتبهم وستضاف إلى رصيد الملتزمين بدوامهم.
رسالة الفضلي خلت من أي ذكر لقوات الحزام الأمني الذي استقال من قيادتها.
 
عودة الحوثي  وصالح
 
أحداث أبين الأخيرة تكشف عن دخول الطرفين مرحلة عض الأصابع لإثبات صحة نظرية كلاً منهما، في حين لايزال بعض اتباع صالح في الجنوب ينفذون مهمتهم في التأزيم وتأجيج الأوضاع وتهيئتها لعودة الحوثي وصالح  تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
 
في حين رصد شهود عيان تقدما لقوات الحوثيين صوب مدينة لودر في محاولة منهم لاستغلال الوضع الأمني الهش في المحافظة.
 
وتقع مديرية لودر على الطريق الواصل بين محافظتي البيضاء وأبين والذي استخدمته قوات المخلوع  صالح والحوثي لاجتياح مدينة عدن عبر الشريط الساحلي مروراً بمدينة شقرة في العام 2015.
 
وأكد شهود عيان أنهم شاهدوا تعزيزات للحوثيين وهي تتأهب للتقدم أسفل عقبة "ثرة" للتوجه صوب مدينة لودر والتي تتمركز في قمتها منذ أغسطس من العام 2015.
 
وهو ما عبر عنه صراحة الدبلوماسي الأمريكي السابق نبيل خوري عندما أكد بأن عملية الإنزال الجوي الأمريكي الذي شهدته قيفة رداع في محافظة البيضاء تمثل فرصة أمام الحوثيين ليظهروا أنهم ضد القاعدة فعلا، وأنهم قادرون على مجابهتها والتعاون مع من يلاحقها على الأرض، في ظل الفشل الواضح من جميع الأطراف السياسية في مواجهتها، حسب قوله.
 


التعليقات