في صنعاء.. حرب حوثية تستهدف القطاع الخاص (تقرير)
- خاص الأحد, 04 أغسطس, 2019 - 03:30 مساءً
في صنعاء.. حرب حوثية تستهدف القطاع الخاص (تقرير)

[ جماعة الحوثي وتدمير القطاع الخاص ]

كثّفت جماعة الحوثي عمليات الاستهداف ضد القطاع الاستثماري الخاص بصنعاء، خلال الفترة الأخيرة. وكان مكتب الأشغال العامة، في الأيام القليلة الماضية، قد باشر بإغلاق مطعم الخطيب بحجة عدم وجود موقف للسيارات، ولم تمضِ يومان على إغلاقه حتى كانت مطاعم ريماس والشيباني في قائمة المُنشآت التجارية المُغلقة، لأسباب تتعلق بالاختناقات المرورية الناتجة عن ازدحام مواقفها بالسيارات، في الشوارع المحيطة بها، وهي تهمة عثر عليها مكتب الأشغال العامة بصنعاء، لتفيذ ابتزازه، وتحصيل أموال إضافية من إدارات تلك المطاعم لا أكثر، بحسب إفادات ناشطين في صنعاء.

 

مُلاحقة وابتزاز

 

ويمارس مكتب الأشغال العامة الابتزاز بشكل يومي على المواطنين في صنعاء، تحت ذرائع مختلفة ومستترة بمسميات برّاقة، كالحفاظ على المظهر الجمالي للعاصمة، ويحتجز المكتب في سجونه غير القانونية عمّال اليوميات، ومالكي البسطات، وسائقي الشاحنات، ومالكي المطاعم، بتهم ارتكابهم مخالفات، وبعد ساعات يطلب مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم، وإلا فإنه يُبقيهم في السجن، بحسب أقوال الصحفي رشيد الحداد.

 

يقول الحداد إن مكاتب الأشغال العامة باتت دولة بسجونها الخارجة عن القانون، والتي أضحت مراكزًا لابتزاز الناس. ويشير في منشور له على صفحته بفيسبوك، إلى أن هذه المكاتب تمنح تراخيص بشكل عشوائي للتجار، من أجل ابتزازهم لاحقًا، فهم يقطعون ترخيصًا واحدًا لبائع اللحوم، ومالك عيادة القلب، وللصيدلي، والصرّاف، ومالك البقالة، وحين يأتي مراقبو الأشغال إلى هذه المحلات، يدّعون على أصحابها زيف تلك التصاريح التي مُنِحوها من مكتب الأشغال، من أجل ابتزازهم بالدفع.

 

استهداف

 

من جهته يشير الناشط أحمد ناجي النبهان إلى أن إغلاق مطعم ريماس والمطاعم الأخرى، يكشف عن أن الحرب ضد القطاع الخاص، وضد الاستثمار قد بدأت، ولن تنتهي.

 

"نُدرك جيدًا أن إغلاق هذه المطاعم ليست أكثر من رسالة للقطاع الخاص بألا يجازف في الاستثمار"، يضيف. ويؤكد من ناحية أخرى على تعرُض المواطنين لتهديدان يمسان حياتهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، يتمثل أولهما في قصف طائرات التحالف للمدنين، وحصد أرواحهم وممتلكاتهم، فيما يتمثل التهديد الثاني في سلوك أمانة العاصمة في استهداف الاستثمار، وتٙضييّق العيش على المواطنين، حد تعبيره.

 

اقرأ أيضا: "الحارس القضائي".. طريقة الحوثيين لتدمير القطاع الخاص في اليمن (تقرير خاص)

 

وفي مسعى لتوفير موارد مالية، أقرت مصلحة الضرائب في صنعاء مطلع أغسطس الجاري، رفع قيمة ضرائب المبيعات على المطاعم، وطالبت في وثيقة لها المطاعم بتقديم إقرارات مالية دورية، بحسب المبيعات الفعلية، وإظهار الضريبة في فواتير المبيعات، ومن ثم توريدها للمصلحة أولاً بأول. وقد وجّهت اتهامات إلى بعض المطاعم، قائلة إن إقراراتها الضريبية السابقة، المُقدمة لمصلحة الضرائب، لا تتناسب مع حجم نشاطها الفعلي.

 

استحواذ مباشر

 

وفي سياق استهدافهم للاستثمار، أقدم الحوثيون على اقتحام مقر شركة سبأفون وسط صنعاء، الأربعاء الماضي، وقاموا بتعيين مجلس إدارة جديد، يتألف من أشخاص تابعين لهم، في خطوة غير قانونية، بحسب وصف الشركة.

 

وقد اتهم الحوثيون الشركة بعدم توريد الإقرارات الضريبية عن خمسة أشهر إلى الإدارة الضريبية المختصة بضريبتي الرواتب والأجور عن موظفيها، إضافة إلى تهم أخرى، نفتها الشركة، التي اعتبرت الاعتداء الحوثي على مقرها، وتزوير بعض الأوراق الرسمية والأختام، والاستحواذ على أصول الشركة دون وجه حق، جريمة جنائية مكتملة الأركان.

 

وأعلنت الشركة يوم الجمعة، عن نقل المركز الرئيسي لها إلى مدينة عدن، في خطوة أخيرة لإنقاذ أصولها والهروب من تعسف جماعة الحوثي في صنعاء.

 

بيئة نابذة للاستثمار

 

في هذا الشأن، يُعلّق النبهان بالقول إن ما حدث لشركة سبأفون يُقدّم صنعاء باعتبارها بيئة غير مُشجعة للاستثمار، وهو سلوك يقوّض الاقتصاد الوطني، ويدمر فرص العمل. ويبدى الناشط النبهان استهجانه لهذا التصرف، داعيًا المنظمات والناشطين إلى إدانة الأمر، مطالبًا سلطات صنعاء بالوقف الفوري لمثل هذه الممارسات التي تتنافى مع المصلحة العامة للناس.

 

من ناحية ثانية، كانت شرطة المرور، وشرطة النجدة، قد انتشرتا في شوارع العاصمة صنعاء، خلال الأسبوع الماضي، للبحث عن السيارات غير المرقمة، وملاحقتها. وبحسب إفادة مصادر محلية في صنعاء، فإن المئات من السيارات تم احتجازها، لكونها غير مجمركة، في حين تؤكد المصادر عدم توفر لوحات تراخيص "أجرة ونقل" في مصلحة جمارك صنعاء. ويجبر الحوثيون مالكي السيارات على اعتماد "الترقيم الخصوصي"، وبمبالغ باهضة، بينما يضطر بعض مالكي السيارات غير المجمركة إلى دفع مبالغ كبيرة كرشاوٍ، مقابل استعادة سياراتهم المحتجزة التي يتسلمونها دون جمركة.

 

انتهاكات بالجُملة

 

وبهذا الخصوص، يعلق الصحفي ماجد زايد بالقول "نحن إزاء جماعة تستقطع الإتاوات بشكل قسري، وتسرق الناس، ولا تكترث لشيء"، ويشير إلى أن سلطات صنعاء تقوم بجمع الضرائب، وتحصيل المبالغ من التجار بذرائع مختلفة، وفي المقابل هي لا تُقدم شيئًا للمواطنين. ويرى زايد أن ملامح الحياة باتت تتلاشى تدريجيًا في مناطق سيطرة الحوثيين.

 

وللأسبوع الثاني على التوالي، تواصل الجماعة إخفاء مدير بنك اليمن الدولي "بنك خاص"، بعد أن اختطفته قبل أيام في صنعاء، مع موٙظفٙين من ذات البنك، واقتادتهم إلى جهة مجهولة.

 

وبحسب إفادات لمصادر محلية في صنعاء، فقد اختطفت الجماعة مدير البنك "أحمد ثابت العبسي"، على خلفية رفضه دفع إتاوات مالية فرضتها الجماعة على البنك كمجهود حربي.

 

ما خفي أعظم

 

وحول هذا، يتحدث جمال عامر، رئيس تحرير صحيفة الوسط، وعضو الوفد المفاوض للحوثيين في مشاورات ستوكهولم، في منشور له على"فيسبوك"، بالقول إن أمين العاصمة حمود عباد هو المسؤول الأول عن ضرب ميزة كون العاصمة صنعاء بيئة آمنة للاستثمار.

 

ويشير إلى أن سلوكيات سلطة أمانة العاصمة، تساهم في ارتفاع نسبة البطالة، حين تقوم بإغلاق المطاعم بدون أحكام قضائية، وعبر أطقم عسكرية لإهانة حياة الناس، وترويع المارة تحت دعاوٍ غير منطقية. وينوّه عامر إلى أن مثل هذه التصنيفات المزاجية قد لا يكون دافعها الأول هو الابتزاز، ويختم بأن ما خُفي أعظم.


التعليقات