سوء التغذية.. خطر يهدد حياة الأطفال في تعز (تقرير)
- تعز- خاص الخميس, 26 نوفمبر, 2020 - 10:28 مساءً
سوء التغذية.. خطر يهدد حياة الأطفال في تعز (تقرير)

بصوت مخنوق وملامح حزينة باهتة تحدثت والدة الطفلة رفا عن معاناتها في علاج طفلتها من مرض سوء التغذية في مستشفى المظفر بمحافظة تعز قائلة: "بعت إسطوانة الغاز وجئت أعالج ابنتي".


 

هكذا اختصرت الأم الأربعينية معاناتها إلى جانب العديد من الأهالي ممن يقطعون مسافات طويلة لنقل أطفالهم إلى تعز للعلاج بعد أن تقطعت بهم السُّبل وساءت حالتهم جراء الحصار الذي تشهده المدينة منذ ستة أعوام، لا سيما تلك الأسر القادمة من مدينة جبل حبشي وبعض الأرياف الأخرى، فقد تستغرق الرحلة وقتا طويلا للوصول إلى مدينة تعز، بسبب تغير خارطة الطريق التي فرضتها الحرب.

 

وكذلك الحال بالنسبة للمديريات الريفية البعيدة عن مركز المدينة التي شهدت حربًا تسببت في تدهور الوضع الصحي والإنساني، الأمر الذي فاقم من معاناتهم وحال دون حصول أطفالهم المصابين بسوء التغذية الحاد على الرعاية الصحية المناسبة.


 

تدهور الأوضاع المعيشية

 

منذ عشرة أيام تركت الأم أطفالها الأربعة وبيتها الكائن في "قرية القحاف" في مديرية جبل حبشي التابعة لمحافظة تعز، من بينهم طفلة معاقة (عجماء) تبلغ من العمر 9 سنوات.
 

والد رفا وجد نفسه عاطلا عن العمل بعد أن ضاعفت الحرب معاناتهم وكبدتهم ألوانا مختلفة من الألم والمعاناة، كما تؤكد والدة الطفلة لـ"الموقع بوست' قائلة: "كان زوجي يشتغل عاملا ويوفر لنا تكاليف الغذاء والمصاريف، والآن بسبب الأوضاع أصبح عاطلا عن العمل".

 

من جانبها تقول نوال العمدي، عاملة في مركز التغذية التابع لمستشفى المظفر لـ"الموقع بوست" إن "الإقبال كبير من المرضى وتحديدا من المناطق النائية مثل جبل حبشي، المسراخ، صبر، والسبب الرئيسي هو تدهور الأوضاع المعيشية للناس".


 

وتضيف العمدي: "كان هناك علاجات ورواتب شهرية لأطفال سوء التغذية من منظمة هاد، لكنها توقفت الآن".


 

بالمقابل، لا تتمكن أغلب الأسر من القدوم إلى تعز لعلاج أطفالها من سوء التغذية الحاد نظرًا لتردي وضعهم المعيشي، الذي لا يسمح لهم بالسفر إلى المراكز الصحية المتخصصة المتواجدة في المدن الرئيسية مثل مدينة تعز.


 

ارتفاع حالات سوء التغذية

 

مع استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية كثيرًا في مدينة تعز التي تضررت جراء الحرب والحصار المفروض عليها، نتج عن ذلك ارتفاع معدلات إصابة الأطفال بسوء التغذية الحاد الوخيم والمتوسط.

 

 

 

يؤكد في هذا الخصوص فهد محمود حسن، مدير مستشفى المظفر، لـ"الموقع بوست"، أن المركز يمتلئ بالمرضى في بعض الأيام مما يضطرهم لوضع الآخرين في الطواريد، وأحيانا تحويلهم إلى مستشفيات أخرى.

 

ويضيف حسن أن أغلب الحالات التي يستقبلها المركز تأتي من مديرية جبل حبشي ومديرية صالة.


 

ويدعو المنظمات الداعمة والسلطة المحلية والقائمين على القطاع الصحي بالمحافظة إلى النظر بعين الاعتبار لهذه الشريحة وتقديم الدعم اللازم لها.


 

وبحسب الإحصائيات لمركز سوء التغذية TFC في مستشفى المظفر والتي حصل "الموقع بوست" على نسخة منها، فمنذ شهر يناير وحتى سبتمبر من العام الجاري 2020 بلغ عدد حالات سوء التغذية حوالي 225 حالة.


 

وأدى تدهور الوضع الاقتصادي في اليمن جراء الحرب إلى تدهور المستوى المعيشي وانعدام سبل العيش ومصادر الدخل، إذ فقد كثير من اليمنيين أعمالهم ووظائفهم، وبالتالي توسعت دائرةِ الفقر والبطالة.


 

كل تلك العوامل ساهمت في تدهور الأمن الغذائي وقللت من فرص الحصول على الغذاء المناسب، مما تسبب في ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال، كما يرى فهد حسن في حديثه لـ"الموقع بوست"، لافتًا إلى أنه وقبل حوالي أسبوع جاءتهم امرأة فوجدوها تضع لطفلها الصغير بعض الدقيق والماء وكأنه حليب نتيجة تدهور حالتها المادية بسبب الحرب.


 

نقص التمويل

 

الدكتور أحمد راجح، رئيس قسم التغذية بالمستشفى السويدي اليمني، يوضح في حديثه لـ"لموقع بوست" أن الدعم الذي كانت تقدمه منظمة الصحة العالمية للمركز توقف مطلع سبتمبر الماضي من العام الجاري، لافتا إلى أنه لم يُعرف سبب التوقف ولكن استئناف الدعم سيعود من جديد للمركز.


 

ويضيف راجح: "تسبب ذلك بانقطاع بعض العلاجات ولكن هناك جهات أخرى كانت تدعم المركز كمنظمة أطباء بلا حدود التي توفر الأدوية والحوافز لكادر المركز".

 

ويعاني اليمن منذ فترة طويلة واحدًا من أعلى معدلات سوء التغذية في العالم، حيث أدّى تصاعد النزاع والتدهور الاقتصادي، بجانب الأثر الذي أحدثته جائحة فيروس كورونا، إلى دفع الناس المنهكين سلفًا إلى حافة الهاوية.


 

وبحسب التقرير المُشترك بين مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن واليونيسف، ومنظمة الأغذية والزراعة "فاو" وبرنامج الأغذية العالمي، فقد بلغَ عدد حالات الإصابة بسوء التغذية أكثر من نصف مليون حالة في مناطق جنوب اليمن، وأن طفلًا واحدًا من كل خمسةِ أطفالٍ دون الخامسة في أنحاء مختلفة من اليمن يعانون من سوء التغذية الحاد وبحاجة ماسة إلى العلاج.


 

واستعرض التقرير نتائج الدراسة التحليلية التي شملت العديد من مديريات المحافظات الجنوبية وجزءًا من المحافظات الشمالية في اليمن، منها لحج وأبين وتعز والحديدة، عن زيادة حالات إصابة الأطفال بسوء التغذية الحاد الوخيم بنسبة 15,5% خلال العام 2020، الأمر الذي من شأنه أن يعرض ما لا يقل عن 98,000 طفل دون الخامسة لخطر الموت إذا لم يتلقوا العلاج بصورة عاجلة.


 

ولفت التقرير إلى أن ما لا يقل عن ربع مليون امرأة حامل أو مرضع معرضات لانعدام الأمن الغذائي وبحاجة للحصول على علاج لسوء التغذية.


التعليقات