تعز.. الإهمال يغرق مدينة التربة بالوحل والنفايات (تقرير)
- تعز - أكرم ياسين الأحد, 15 أغسطس, 2021 - 04:42 مساءً
تعز.. الإهمال يغرق مدينة التربة بالوحل والنفايات (تقرير)

[ تكدس الوحل والقمامة في شوارع مدينة التربة بتعز ]

لولا الحرب المستعرة منذ سبع سنوات في اليمن، لظلت مدينة التربة (70 كم جنوب غربي محافظة تعز) كغيرها من المدن الثانوية التي لا يثير ما يجري فيها اهتمام أحد.

 

أعادت ظروف الحرب والحصار مدينة التربة الرابضة في  بوابة "طريق هيجة العبد" -الشريان البري الوحيد الذي يربط محافظة تعز المحاصرة ببقية محافظات اليمن والعالم- إلى الواجهة وأكسبتها أهمية تفوق حجمها بكثير.

 

كل شيء يمر عبر مدينة التربة كما يقول لسان حال قرابة خمسة ملايين نسمة هم سكان محافظة تعز العالقة بين ثالوث الحرب والحصار وفساد حكومي استعصى على هبتها الشعبية.

 

لحسن حظ مدينة التربة نجاتها من آلات الحرب المدمرة، فمثلت ملاذا لآلاف النازحين من مختلف مناطق القتال الباحثين عن الأمان.

 

 

"الموقع بوست" زار مدينة التربة ونقل لكم صورة مدينة موبوءة بالفساد والأوبئة غارقة في الوحل وأكوام النفايات.

 

ثلاثة شوارع أعيت السلطة

 

ثلاثة شوارع لا يزيد طولها عن 300 متر، بالإضافة للطريق العام الرابط بين محافظة تعز والعاصمة المؤقتة عدن هي كل شوارع المدينة، لا يكف سيل الأجساد البشرية فيها عن الجريان وسط فوضى عارمة.

 

في شارع الخضرة الشهير غاصت قدماي في وحل الطين بلونه الأسود ورائحته الكريهة وأنا أحاول إفساح الطريق لمسنة كالت سيلاً من الشتائم لسلطة المدينة كمحاولة للتعبير عن اعتذارها وسخطها لما حصل لي.

 

سنكتشف بعد بضع خطوات أن ما تمتمت به العجوز من شتائم هي جزء من موال يومي ساخط يتردد على كل الألسنة في المدينة، تتهم معزوفته الساخطة من سمتهم بهوامير الفساد في السلطة المحلية بأنهم وراء ما تعانيه المدينة من وضع مزري.

 

شارع الشيباني

 

بعد سنوات من المطالبة المضنية وسيل المذكرات والأوامر تم نقل البائعة الجائلين وأصحاب بسطات الخضروات التي كانت تسد حتى الهواء عن شارع الخضرة إلى سوق خاص بهم.

 

 

 فبحسب ما قاله "سلطان الزريقي" أحد سكان المدينة لـ"الموقع بوست"، تم نقل سوق الخضرة إلى مكان آخر واستبشر السكان خيراً واعتبروا ذلك إنجازاً كبيراً يحسب لمدير السلطة المحلية في المدينة عبد العزيز ردمان الشيباني، نظراً لحجم المعاناة التي كان يعاني منها سكان المدينة وأصحاب المحال والمتسوقين من زحمة خانقة وإزعاج لا يتوقف يسببه أصحاب البسطات والباعة المتجولون.

 

وأضاف "الزريقي" وكتعبير عن فرحة سكان المدينة وخصوصاً بعد أن شرع الصندوق الاجتماعي للتنمية بصب الشارع بالخرسانة قام أحد تجار السوق بتسمية الشارع باسم "شارع الشيباني" بدلاً من شارع الخضرة تعبيراً عن الامتنان لمدير السلطة المحلية، لكن مع الأسف وكما تشاهد تبخرت الآمال، وطمرت الفرحة تحت أطنان من الوحل وأكوام النفايات.

 

واختتم "الزريقي" تصريحه لـ"الموقع بوست" قائلاً: "صار الوضع أكثر سوءًا عما كان عليه في السابق، المدينة غارقة في الأوحال والنفايات ولا أحد يكترث للأمر".

 

سلطة جبايات

 

بدوره، يتهم الناشط هاني النعمان السلطة المحلية في المدينة بالفشل وغرقها في وحل فساد يحكي حال مدينة التربة وشوارعها عن فداحته بلغة يسمعها حتى الأصم.

 

وتساءل الناشط هاني في حديثه لـ"الموقع بوست": كم سيكلف جرف الأوحال والنفايات التي تسد جميع شوارع المدينة وتجعل من العيش والحركة فيها جحيماً لا يطاق؟

 

 

واستطرد هاني بالقول: "التكلفة تبدو زهيدة قياساً بملايين الريالات التي تجبيها السلطة المحلية من تجار المدينة تحت ذرائع شتى منها تحسين المدينة وصحة البيئة وغيرها من الذرائع، فأين تذهب تلك الأموال ما دام والمدينة لم تستفد ولو بجزء منها؟".

 

وأجاب: "يلتهمها الفساد الذي وفر له الكيد الحزبي حصانة من المساءلة، يخجل المرء حين يرى النساء تغوص أقدامهن في وحل مشبع بكل صنوف الأمراض، ويشاهد البعوض ينهش أجساد الأطفال، بينما السلطة المحلية بكل أجهزتها تغرد في مناخ أنيق بعيداً عن هذا المستنقع الآسن الذي تركت سكان المدينة يغرقون فيه".

 

شحة الإمكانيات

 

في اتصال هاتفي أجراه "الموقع بوست" مع مدير المديرية عبد العزيز الشيباني، نفى الأخير أن يكون ما تعانيه مدينة التربة ناتج عن فساد وإهمال كما يزعم بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وأكد الشيباني أن السلطة المحلية تبذل جهوداً كبيرة لتحسين مظهر المدينة رغم الإمكانيات الشحيحة.

 

وأضاف أن الحديث عن جبايات وفساد غير صحيح كون موارد المدينة المالية يتم توريدها للبنك المركزي في تعز، ولا تحصل منها المدينة سوى على ميزانية تشغيلية ضئيلة لا تلبي احتياج المدينة من خدمات.

 

ووعد الشيباني -في ختام تصريحه لـ"الموقع بوست"- بالقيام بحملة نظافة للمدينة وجرف الوحل الناتج عن الأمطار ونقل أكوام النفايات، داعياً جميع سكان المدينة إلى التعاون مع السلطة المحلية.

 

ما بين سخط سكان مدينة التربة العارم من الوضع المزري للمدينة وكلام السلطة المحلية، تبقى الحقيقة شاخصة تروي لزوار المدينة خللا وإهمالا يضاهي كمية الوحل والنفايات الجاثمة على وجه المدينة.


التعليقات