[ طائرة مقاتلة تابعة للبحرية الأمريكية تهبط على حاملة طائرات في البحر الأحمر، فبراير 2024 ]
قالت مجلة أمريكية، إن الولايات المتحدة وحلفائها يواجهون أزمة ردع، جراء التصعيد في الشرق الأوسط وهجمات جماعة الحوثي المتصاعدة على سفن الشحن في البحر الأحمر.
وذكرت مجلة "فورين أفيرز" في تحليل لها ترجم أبرز مضمونه إلى اللغة العربية "الموقع بوست" أن الخيار الوحيد لمنع تصاعد التوتر في المنطقة، توجيه ضربة لدولة إيران الرعي الرسمي لأذرعها في اليمن ولبنان وغيرها.
وأضافت "الصين تهدد السفن الفلبينية في بحر الصين الجنوبي وربما تجهز جيشها لغزو تايوان. ولا تظهر روسيا أي علامة على التخلي عن حربها في أوكرانيا. وفي الشرق الأوسط، تهدد إيران بالانتقام من إسرائيل لاغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران، ويكثف حزب الله هجماته الصاروخية على إسرائيل، ويواصل الحوثيون مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر وإغراقها في بعض الأحيان. وتتزايد المخاطر المركبة المتمثلة في مقتل أفراد عسكريين أميركيين بسبب الصواريخ الإيرانية، أو ضربة حوثية لسفينة تابعة للبحرية الأميركية، أو غرق سفينة شحن أخرى مع مرور الوقت".
وتابعت "أي من هذه الأحداث من شأنه أن يجبر واشنطن إما على الانخراط في حرب أكبر أو التراجع. وأي من الخيارين من شأنه أن يعكس فشل الردع".
وترى أن الهجمات الصاروخية الحوثية في البحر الأحمر يجب أن تتوقف. وقالت "قبل أن يضرب صاروخ ضال سفينة، يجب أن يقترن كل إطلاق صاروخ مضاد للسفن من قبل الحوثيين بعمل أمريكي ضد إيران".
نظرية الردع
وبحسب التحليل فإن أسس نظرية الردع تكمن في كتابات الحرب الباردة التي كتبها مفكرون مثل "توماس شيلينج"، الذي سعى إلى صياغة استراتيجية لردع الضربة النووية من الاتحاد السوفييتي. الواقع أن مبادئها المركزية ــ الاستقرار الناتج عن الدمار المؤكد المتبادل، ومخاطر التصعيد ودور سياسة حافة الهاوية، وقيمة الإشارة إلى الالتزام والعزيمة ــ أثبتت فائدتها في ردع الخصوم المسلحين نوويا عن شن هجمات نووية وتقليدية على قوى نووية أخرى. ولكنها كانت أقل فائدة في ردع الهجمات التي تشنها قوى غير نووية.
وقال "عندما يتعلق الأمر بالجهات الفاعلة غير الحكومية، كانت نظرية الردع عديمة الفائدة تماما. ولم يكن هذا أكثر وضوحا في أي مكان من الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، حيث بدت إيران وشبكتها من الوكلاء على استعداد لمهاجمة القواعد الأميركية وأفراد الخدمة، وإغراق السفن التجارية، وشن هجمات مباشرة على إسرائيل، وربما إشعال حرب إقليمية أكبر".
وأضاف "إذا كانت واشنطن تريد منع الردع في المنطقة من التآكل بشكل أكبر، فسوف تحتاج إلى إظهار استعداد أكبر للرد. ولن يكون التركيز على حزب الله والحوثيين كافيا؛ والطريقة الوحيدة لاستعادة الردع هي ملاحقة إيران".
وأكد التحليل أنه يتعين على القوات الأميركية أن ترد ردا على الضربات الصاروخية الإيرانية التي تلحق الضرر بالعسكريين والمدنيين الأميركيين. ويتعين على واشنطن أن تشير إلى طهران بأن الأضرار التي تلحق بالسفن الأميركية أو غيرها من السفن التي تمر عبر البحر الأحمر سوف تقابل بالانتقام من الأصول أو الأراضي الإيرانية. ويتعين على الجيش الأميركي أيضا أن يضع أصوله بطريقة تمكنه من الاستمرار في اعتراض الهجمات الجوية الإيرانية ــ كما فعل عندما أطلقت إيران وابلا من الطائرات بدون طيار والصواريخ على إسرائيل في أبريل/نيسان".
الضغط على الراعي
تقول مجلة "فورين أفيرز" إن نظرية الردع أقل إفادة عند التعامل مع الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل حزب الله والحوثيين، حيث تفتقر العصابات المسلحة إلى الأهداف العسكرية ذات القيمة العالية للدول. ولأن وحدات العصابات المسلحة متنقلة وتخفي نفسها جيدًا، فمن الصعب القضاء على أنظمة الصواريخ التي تستخدمها. كما يتمتع قادة العصابات المسلحة بتسامح كبير مع المخاطر الشخصية، حيث يتوقع الكثيرون أو حتى يتمنون أن يصبحوا شهداء، مما يجعل التهديد بالقتل في غارة جوية أميركية رادعًا ضعيفًا.
وأكدت أن الطريقة الأكثر فعالية للتعامل مع مثل هذه الجماعات تتمثل في الضغط على راعيتها، إيران، من خلال نقل حقيقة مفادها أن استمرار الهجمات الصاروخية والصاروخية سيكون له عواقب وخيمة.
وخلصت المجلة الأمريكية في تحليلها بالقول "لكن هذا المسار من العمل غير كامل: إذ تنكر طهران نفوذها على وكلائها وتتهم الولايات المتحدة بالتصعيد، ولحزب الله والحوثيين مصالحهم الخاصة وقد لا يستمعون إلى راعيهم. ومع ذلك، تعتمد كلتا المجموعتين على الدعم الإيراني، واستعداد طهران لخوض الحرب نيابة عنهما ليس مضمونًا على الإطلاق، مما يمنح إيران نفوذًا كبيرًا لإقناعهما بالتوقف".