[ خزان صافر العائم في ميناء رأس عيسى ]
ناقلة متفتتة تحوي أربعة أضعاف من كمية النفط المتسربة في كارثة إكسون فالديز في 1989، حيث حذر الخبراء من كونها قنبلة بيئية موقوتة بالإمكان أن تنفجر في أي لحظة، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وأضافت "فيفيان نيريم" في مادة ترجمها "الموقع بوست" أن عملية للأمم المتحدة ماضية لتجنيب البحر الأحمر تسرب نفطي كارثي عبر إنقاذ ناقلة عملاقة متهالكة قبالة الساحل اليمني، هذا الأسبوع عقب سنوات من التأخير.
وتحتوي ناقلة النفط صافر على ما يربو عن مليون برميل من النفط الخام، أي حوالي أربعة أضعاف الكمية في التسرب الكارثي لشركة إكسون فالديز عام 1989.
وانطلق الطاقم الذي يسعى لتفقد الناقلة الصدئة يوم الاثنين عبر البحر من جيبوتي شرق إفريقيا إلى ميناء الحديدة في الساحل الغربي لليمن، حيث وصل الثلاثاء. وترسو الناقلة شمال المدينة الساحلية، حيث كانت ذات يوم موقعا لمعارك طاحنة في حرب البلاد المستمرة منذ ثمان سنوات، والتي كانت سببا في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
في حال جرت الأمور كما خطط لها، فإن تفتيش الفريق سيفسح المجال لعملية نقل النفط إلى ناقلة صالحة للإبحار كانت الأمم المتحدة قد اشترتها هذا العام.
وكان الناقلة صافر تعمل في الأصل كمرفق تخزين عائم يغذيه خط أنابيب بالنفط من شرق اليمن. لكن الحرب تركتها في عزلة، حيث لم يتم صيانتها بشكل جيد لسنوات، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة وخبراء يمنيين إلى التحذير بشكل متكرر من كونها ليست سوى قنبلة بيئية موقوتة يمكن أن تتفكك في أي لحظة.
في حال انسكب النفط من الناقلة، فإن ذلك سيؤدي حتما إلى تدمير الحياة البحرية، فضلا عن الصيادين والمجتمعات الساحلية التي تعتمد عليها. كما يمكن أن تغلق الموانئ الهامة لجلب المساعدات الإنسانية الضرورية في بلد ينتشر فيه الجوع.
كما يمكن أن يتسبب في إغلاق محطات تحلية المياه التي توفر المياه لملايين السكان.
وقال محمد الحكيمي، رئيس شركة حلم أخضر للاستشارات البيئية في العاصمة صنعاء، إن "عواقب عدم القيام بشيء ما ستكون وخيمة وكارثية". وأضاف أن التسريبات أو انفجار الناقلة قد يؤدي إلى "كارثة بيئية كبرى ضمن أزمة إنسانية".
واستردك خالد زرنوجي، صياد ورئيس مجموعة صيادي خوخة الشبابية في مدينة الخوخة جنوب الحديدة، "يجمع كل سكان هذه المجتمعات الساحلية للبحر الأحمر قوت يومهم من الصيد"، حيث قدر عدد الصيادين في مدينته الخوخة وحدها بـ 10 آلاف صياد، أضف إليهم آخرين يكسبون دخلهم من صناعة الصيد.
وتابع: "في حال انفجار الناقلة، سيكون كل هؤلاء الأفراد عاطلين عن العمل".
وقد يكون للتسرب كذلك سلسلة من التداعيات على دول أخرى على طول الشريط الساحلي للبحر الأحمر، بما فيها السعودية ودول شرق إفريقيا مثل إريتريا وجيبوتي. من شأن الأضرار التي ستلحق بالشعاب المرجانية أن تعرقل طموحات المملكة في تطوير السياحة الفاخرة على طول ساحل البحر. ولأن الناقلة قريبة من ممرات الشحن الرئيسية، فقد تتداعى آثارها كذلك على التجارة العالمية.
وقال أحمد ناجي، كبير محللي اليمن في مجموعة الأزمات الدولية: "إن انفجارا أو انسكابا من الناقلة لن يؤدي فقط إلى كارثة بيئية، بل سيلحق كذلك أضرارا هائلة بالأنشطة الاقتصادية".
ومع ذلك، فإن الجهود الدولية لتفتيش الناقلة وإزالة النفط بأمان تعثرت لسنوات.
وكانت الحرب متعددة الطبقات عاملا أساسيا، حيث حولت الحديدة إلى منطقة قتال لفترات طويلة. فضلا عن ذلك، جرى احتجاز الناقلة كرهينة نظرا للخلاف حول من له الحق في النفط داخلها وأي إيرادات محتملة يمكن أن تدرها.
وبدأت حرب اليمن في العام 2014، عندما اجتاح مقاتلون من ميليشيا الحوثي القوية شمال البلاد حتى العاصمة، الأمر الذي أدى إلى نزوح الحكومة المعترف بها دوليا. وقد تدخل تحالف عسكري بقيادة الجارة السعودية في العام 2015 في محاولة لاستعادة تلك الحكومة، حيث شنت حملة قصف مدمرة.
ويسيطر الحوثيون المتحالفون مع بإيران، قاموا منذ ذلك الحين بتشكيل حكومة موازية، على المنطقة التي ترسو فيها الناقلة ويطالبون بالنفط كأصل محتمل.
وقال مساعد عقلان، كبير الباحثين في البيئة والمياه في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: "ونظرا للصراع القائم وانعدام الثقة، كان هناك تأخير طويل في مفاوضات الحصول على موافقة الأطراف اليمنية وجمع الأموال اللازمة". وتابع "من الواضح أن صافر يتم استخدامها كأداة حرب".
وألقت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وحلفاؤها السعوديون باللوم على الحوثيين في تأخير إنقاذ الناقلة. وقالت الأمم المتحدة في ذلك الوقت إن خطة لبدء العملية في عام 2021 تأجلت إلى أجل غير مسمى في اللحظة الأخيرة بعد أن رفض الحوثيون ضمان سلامة فريق الإنقاذ بشكل مكتوب.
وقال سالم عبد الله السقطري وزير الزراعة والري والثروة السمكية في الحكومة اليمنية "نتعامل مع ميليشيا ثارت على الدولة وشرعيتها"، فيما لم يرد الحوثيون على طلب للتعليق. لكن في الماضي، ألقت الجماعة المتمردة باللوم على خصومها في الحالة الخطيرة للناقلة.
كما ألقى بعض الخبراء اليمنيين باللوم على الإجراءات البيروقراطية داخل الأمم المتحدة، والتي قال السيد ناجي إنها "أعاقت التقدم" منذ توصل المنظمة إلى اتفاق مع الحوثيين بشأن الناقلة قبل أكثر من عام.
وقال آخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: "إلى أولئك الذين يعتقدون أنها بيروقراطية، لا يسعني إلا أن أقول ثقوا بي، لقد عملنا طوال الجزء الأفضل من العام بلا توقف في وضع هذه العملية معا". وأشار إلى صعوبة الحصول على التأمين لتنفيذ مثل هذه العملية المعقدة في منطقة الصراع باعتبارها واحدة من عدة عقبات رئيسية.
كما حذرت الأمم المتحدة من نقص التمويل الكافي لإنهاء العملية، والتي من المتوقع أن تكلف 143 مليون دولار. حتى أنها أطلقت حملة تمويل جماعي، لكنها لا تزال قصيرة قدرها 29 مليون دولار.
وقال شتاينر: "ما زلنا نناشد المجتمع الدولي والشركات لسد فجوة التمويل"، مضيفا أن الناقلة لا تزال تشكل تهديدا حتى اكتمال العملية.
وأردف أن الاستعدادات لنقل النفط قد تستغرق من أسبوع إلى أسبوعين، وقد يستغرق النقل ذاته حوالي ثلاثة أسابيع كذلك، لكن التوقيت قد يتغير طبقا لما يكتشفه الطاقم على متن السفينة.
وتابع "في أي مرحلة من الأسابيع المقبلة، إذا حدث خطأ ما، فسيتعين علينا التوقف". وقال ناجي إن المفاوضات بين السعودية والحوثيين المنافسين للتوصل إلى حل جزئي للحرب، التي تزايدت وتيرة هذا العام، يبدو أنها "عززت بعض التفاهم" بشأن الناقلة.
ومع ذلك، قال السيد شتاينر إن النقاشات حول ما يحدث للنفط بمجرد نقله إلى الناقلة الثانية جارية، وهي قضية قال إنه "نأمل أن يتم توضيحها في الأسابيع المقبلة".
وقال: "قد تكون هناك اتفاقيات أساسية تفيد بأنه في مرحلة ما يمكن أن يستمر البيع الجزئي للنفط".
وتابع "بالنظر إلى الوضع البائس في البلاد، هناك بالتأكيد أسباب للنظر إلى بيع هذا النفط كوسيلة للاستثمار في إصلاح البنية التحتية".
*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست