[ لقاء ترامب اليومي مع الصحفيين يتجاوز ساعتين في بعض الأحيان (رويترز) ]
كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن خلافات داخل الإدارة الأميركية أخّرت التعاطي مع فيروس كورونا المستجد لأسابيع، بينما أوضحت مصادر أن الرئيس بات يتعامل مع اللقاء بالصحفيين كمتنفس يومي في ظل الحد من حركته، وسط استطلاعات رأي تشير لتراجع شعبيته مقابل خصمه الديمقراطي جو بايدن.
ونقلت نيويورك تايمز أن عددا من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية حذروا الرئيس دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي من خطر تفشي وباء فيروس كورونا في البلاد.
وأوردت الصحيفة وفقا لوثائق اطلعت عليها أن التحذيرات جاءت بعد أسبوع من تأكيد أول إصابة بالفيروس في الولايات المتحدة، وأن المسؤولين دعوا إلى اتخاذ إجراءات احترازية حازمة.
غير أن ترامب كان بطيئا في استيعاب حجم المخاطر واتخاذ الإجراءات المناسبة وفقا لذلك. وأضافت أن ترامب اتخذ أول إجراء بعد ستة أسابيع من إبلاغه بالتحذيرات لكنّ تركيزه بقي منصبا على حماية مكاسب الاقتصاد، مما ساهم في تأخير التعامل مع الجائحة.
وأضافت نيويورك تايمز أنه مع نهاية فبراير/شباط الماضي كان من الواضح لفريق الصحة العامة الأميركي أن المدارس والشركات الواقعة ضمن النقاط الساخنة يجب أن تغلق.
لكن بسبب خلافات داخل البيت الأبيض، استغرق الأمر ثلاثة أسابيع أخرى لإقناع ترامب بأن عدم التحرك بسرعة للسيطرة على انتشار الفيروس ستكون له عواقب وخيمة.
يشار إلى أن الولايات المتحدة باتت الدولة الأكثر تأثرا بالفيروس على مستوى العالم من حيث أعداد الوفيات والإصابات، فقد تجاوز عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا فيها عشرين ألفا، بينما تجاوزت الإصابات نصف مليون.
إدمان الظهور
وفي سياق متصل، يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتبر اللقاءات مع رجال الإعلام للحديث عن آخر مستجدات جائحة كورونا في بلاده المتنفس الرئيسي خلال اليوم، في ظل القيود التي تفرض عليه ملازمة البيت الأبيض.
فالظهور في اللقاءات الصحفية التي تنقلها شاشات التلفزيون يذكر الأميركيين بأنه لا يزال يقود إدارة أخطر أزمة تواجهها البلاد، كما أن معدلات المشاهدة جيدة.
لكن بعض المستشارين يفضلون عدم الإفراط في الظهور، وقد أوصوا بشكل غير علني بألّا يقضي ترامب وقتا طويلا في تلك اللقاءات الإعلامية كي لا ينصرف انتباهه عن التحدي الذي يواجهه، ولتجنب الدخول في جدل ومشاكسات مع الصحفيين.
وقال مصدر مطلع "تم اقتراح الأمر بضع مرات، لكنه (ترامب) يعتقد أن الأمر رائع مع كل معدلات المشاهدة المرتفعة تلك".
في البداية، أظهرت استطلاعات الرأي ارتفاع معدلات التأييد لترامب قي تعامله مع أزمة الجائحة، لكن ذلك لم يصل للوضع المعتاد عندما يتعلق الأمر بأزمة وطنية من قبيل التأييد لجورج دبليو بوش بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.
وفي ضربة أخرى، بدا أن التأييد لترامب يتراجع مقابل منافسه الديمقراطي جو بايدن في أغلب استطلاعات الرأي على المستوى الوطني في الآونة الأخيرة، على الرغم من أن بايدن لم يعد يظهر سوى عبر الفيديو من حجرة في منزله، بسبب عدم قدرته على إقامة تجمعات انتخابية في ظل قيود كورونا.
وتسبب كل ذلك في إثارة قلق مستشاري الرئيس داخل البيت الأبيض وخارجه. وبينما يتفاخر ترامب بالأعداد الكبيرة من الأميركيين الذين يتابعون اللقاءات الإعلامية، يشعر بعض مستشاريه أنه سيظهر مسيطرا على الأمور بشكل أفضل إذا أدلى ببعض التصريحات الافتتاحية فقط وترك المجال بعد ذلك لفريق العمل المختص بالأزمة ليقدم التفاصيل.
وقال جمهوري مقرب من البيت الأبيض، "لا أعتقد أن هذا الأمر يصب في صالحه... إذا نظرت لاستطلاعات الرأي فأرقام التأييد لمنصبه منخفضة جدا. وهذا في وقت ذروة تلك الأزمة. بمرور الوقت أعتقد أن الأمور ستتدهور بالنسبة له، إذ لم يخرج حقا عن نطاق التفوا حول الرئيس في تلك الأزمة".
الرئيس يتحسر
ويقول مستشارون إن ترامب يتحسر بشكل غير علني على تردي الوضع الاقتصادي بعد أن كانت قوة الاقتصاد أوائل هذا العام جوهرة تاج رئاسته وأفضل حجة يدفع بها لإعادة انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ومع تغير روتينه اليومي بسبب قيود وإجراءات مكافحة المرض، أصبحت اللقاءات اليومية مع رجال الإعلام علاقة ترامب الأساسية بالعالم الخارجي.
ويقول مساعدون للرئيس إن مشاركته يوميا لم تكن بالحسبان في البداية، لكنها أصبحت أساسية بعد ذلك.
وقال مصدر مطلع "لم يعد قادرا على الخروج من المنزل الآن وهو أمر صعب. أعتقد أنه يتوق فحسب للقاء الناس والظهور على التلفزيون".
وبعد الإدلاء بالبيان الافتتاحي يشرف الرئيس على بقية الإفادة، وقد تدوم جلسة "سؤال وجواب" لأكثر من ساعتين.
لكن كليف سيمز -وهو مسؤول سابق لدى ترامب في البيت الأبيض- يقول، إن الرئيس يستغل ظهوره جيدا. ويضيف "إنه يصب في صالح قوته كمتواصل جيد ويجعل له وجودا مستمرا في حياة الناس خلال الأزمة".