استدعى الجيش الإثيوبي الجمعة، العسكريين السابقين للقتال في صفوفه، بعد إعلان 9 حركات مسلحة عزمها على الزحف إلى العاصمة أديس أبابا لإسقاط حكومة آبي أحمد، في حين أصدر مجلس الأمن بيانا يدعو فيه طرفي الصراع لوقف الأعمال العدائية.
وطالب الجيش الإثيوبي العسكريين السابقين بالانضمام إلى صفوفه مجددا لمحاربة المتمردين.
وقال الجيش -في بيان- إنه يدعو الأعضاء السابقين في القوات المسلحة الإثيوبية لتسجيل الوقوف إلى جانب الجيش الوطني، والمساهمة بمعرفتهم وخبراتهم من أجل إحباط الهجوم المستمر لتدمير البلاد، بحسب ما نقل موقع "أديس ستاندر".
وأوضح الجيش أن الانضمام إلى صفوفه يتطلب عدة عوامل من بينها اللياقة البدنية، بما في ذلك الصحة العامة والاستعداد العقلي والمعرفة والخبرة العسكرية.
وجاء نداء الجيش في أعقاب تصاعد التوترات والمواجهات مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والجماعات المتحالفة معها.
وأمس الجمعة، أعلنت 9 جماعات مناوئة للحكومة الإثيوبية تحالفا جديدا للإطاحة بحكومة آبي أحمد، في وقت تعيش فيه البلاد حالة طوارئ مع اشتداد المعارك بين القوات الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي.
وفي مؤتمر صحفي بواشنطن، أعلن ممثلو عدد من الفصائل الإثيوبية عن التحالف العسكري الجديد الذي يضم: جبهة تحرير شعب تيغراي، وجيش تحرير أورومو، وهما فيصلان متحالفان أصلا ويقاتلان القوات الحكومية منذ أشهر في إقليم تيغراي وأمهرة شمالي البلاد.
ويضم التحالف أيضا: جبهة عفار الثورية للوحدة الديمقراطية، وحركة أغاو الديمقراطية، وحركة التحرير الشعبية بني شنقول، وجيش التحرير الشعبي لغامبيلا، وحزب كيمانت الديمقراطي، وجبهة تحرير سيداما الوطنية، ومقاومة الدولة الصومالية.
وقال التحالف -في مؤتمر صحفي- إنه يعتزم حل حكومة آبي أحمد -سواء بالقوة أو بالمفاوضات- ثم تشكيل حكومة انتقالية، وأضاف أن جبهته تشكلت "للتصدي للأضرار الوخيمة المترتبة على حكم رئيس الوزراء آبي أحمد على الشعوب في الداخل والخارج"، و"إقرارا بضرورة التعاون وتوحيد القوات للتحرك صوب انتقال آمن".
عمل دعائي
في المقابل، وصف المدعي العام الإثيوبي جيديون تيموثيوس إعلان التحالف الجديد بأنه مجرد عمل دعائي، مضيفا أن المجموعات المتحالفة "ليس لديها أسس دعم على الأرض".
وكانت جبهة تحرير تيغراي أعلنت يومي السبت والأحد الماضيين عن السيطرة على مدينتي ديسي وكومبولتشا الإستراتيجيتين في إقليم أمهرة، وهددت الجبهة بالزحف نحو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وقالت الجبهة وجيش تحرير أورومو إنهما سيطرا قبل يومين على مدينة كميسي بإقليم أمهرة، التي تبعد مسافة 325 كلم عن العاصمة، وقال متحدث باسم جيش تحرير أورومو إن سقوط العاصمة مسألة أسابيع فقط وليست مسألة شهور.
وذكرت جبهة تحرير شعب تيغراي -الثلاثاء الماضي- أن قواتها تقترب من بلدة ميلي، وهو ما سيمكنها من قطع الطريق السريع الذي يربط بين العاصمة الإثيوبية ودولة جيبوتي المجاورة.
ونفى المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية ليجيسي تولو -صباح الجمعة- صحة ما ذكرته الجبهة بشأن ميلي، وقال "القتال على بعد 80 كيلومترا من ميلي"، وقال مكتب اتصالات الحكومة في تدوينة على فيسبوك بعد إعلان تقدم المتمردين نحو العاصمة، "هذه ليست دولة تنهار تحت الدعاية الأجنبية، نحن نخوض حربا وجودية".
وكان البرلمان الإثيوبي صادق -أمس الخميس- على تطبيق حالة طوارئ في عموم البلاد تستمر نصف عام، وقالت الحكومة إنها أوشكت على الانتصار في حربها المستمرة منذ عام ضد جبهة تحرير تيغراي، وتعهدت بمواصلة القتال.
وطلبت سلطات العاصمة يوم الثلاثاء الماضي من سكان أديس أبابا تنظيم صفوفهم للدفاع عن المدينة، وذلك عقب تهديد جبهة تحرير شعب تيغراي بالزحف نحو العاصمة.
قلق دولي
في السياق ذاته، أصدر مجلس الأمن بيانا عبّر فيه عن القلق البالغ إزاء اتساع نطاق الاشتباكات المسلحة في شمال إثيوبيا.
وطالب المجلس أطراف النزاع بإنهاء الأعمال العدائية والتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار، كما دعا "للكف عن خطاب الكراهية والتحريض على العنف والانقسامات".
وجراء تدهور الوضع الأمني بإثيوبيا، نصحت السفارة الأميركية في أديس أبابا - الجمعة- جميع المواطنين الأميركيين بمغادرة البلاد في أقرب وقت ممكن، وأضافت في بيان أن "الوضع الأمني في إثيوبيا غير واضح تماما".
وقالت وزارة خارجية كوريا الجنوبية اليوم إنها رفعت مستوى التحذير الخاص بسفر مواطنيها إلى جميع أجزاء إثيوبيا إلى المستوى الثالث بداية من اليوم الجمعة، وأوصت مواطنيها بإلغاء أو تأجيل الزيارات المخططة إلى إثيوبيا، والخروج منها إلى مكان آمن، باستثناء الحالات الضرورية.
وتأتي التطورات في إثيوبيا بعد مرور عام كامل على اندلاع اشتباكات في إقليم تيغراي في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 بين الجيش الإثيوبي والجبهة، بعدما دخلت القوات الحكومية الإقليم ردا على هجوم استهدف قاعدة للجيش.
جذور النزاع
وتعود جذور النزاع الحالي إلى عام 2018، عندما تولى آبي أحمد السلطة في أديس أبابا وأعلن إصلاحات سياسية.
وشملت هذه الإصلاحات تنحية قادة في الجيش والمخابرات من أبناء إقليم تيغراي، وتعيين قادة من قوميتي الأمهرة والأورومو في مواقعهم.
وتعمقت الأزمة بعد تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في أغسطس/آب 2020 بسبب جائحة كورونا، مما أدخل البلاد في نزاع دستوري.
واتهمت قوى المعارضة -ومنها جبهة تحرير تيغراي- آبي أحمد باستغلال الجائحة لتمديد ولايته، ونُظمت الانتخابات في الإقليم من جانب واحد في 9 سبتمبر/أيلول 2020، لكن الحكومة المركزية رفضت الاعتراف بنتائجها.
واشتدت حدة الخلاف بين أديس أبابا وجبهة تحرير تيغراي، وتحولت إلى نزاع مسلح منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020. إثر ذلك تدخل الجيش الإثيوبي في الإقليم ونظمت فيه الحكومة المركزية انتخابات جديدة لتشكيل حكومة محلية جديدة.
وفي يونيو/حزيران 201 الماضي، استعادت جبهة تحرير تيغراي السيطرة على العاصمة ميكيلي، وشهدت المدينة احتفالات لأنصار الجبهة، بينما أعلنت الحكومة وقفا لإطلاق النار، لكن الأوضاع لم تعرف الاستقرار منذ ذلك الحين.