نقلت وكالة رويترز عن مصادر أميركية أن الرئيس جو بايدن وقع، اليوم الجمعة، مرسوما يسمح بالتصرف في ودائع الدولة الأفغانية المجمدة بالمصارف الأميركية، والمقدرة بـ 7 مليارات دولار، ويريد بايدن تخصيص نصفها لتعويض عائلات ضحايا تفجير 11 سبتمبر/أيلول 2001، ومن جانبه وصف المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان محمد نعيم القرار بأنه يدل على "أعلى مستويات الانحطاط".
وأوضحت المصادر أن مرسوم الرئيس الأميركي ينص على استخدام 3.5 مليارات دولار من أموال البنك المركزي الأفغاني لتمويل برامج "مساعدات إنسانية" للشعب الأفغاني، دون تمكين حكومة طالبان من التصرف فيها.
وبموجب هذا المرسوم، سيتم التحفظ على نصف الودائع الأفغانية في المصارف الأميركية لتسوية نزاعات قانونية تتعلق بالتعويض لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وأوضح البيت الأبيض أن الرئيس بايدن استخدم "صلاحيات اقتصادية خاصة" يمنحها إياه قانون يعود تاريخه إلى عام 1977، وينوي تحويل أصول المركزي الأفغاني إلى حساب مجمد للاحتياطي الفدرالي في نيويورك، وهو مؤسسة عامة.
إجراء معقد
وأقر مسؤول كبير بالبيت الأبيض، في مؤتمر صحافي، بأن تصرف إدارة بايدن في الأموال الأفغانية "معقد من الناحية القانونية" وقال إن إعلان اليوم كان مجرد بداية لإجراء قد يستمر أشهرا.
وهذا المسار الذي اختاره الرئيس الأميركي سيثير الكثير من الجدل، في وقت تشهد فيه أفغانستان أزمة إنسانية خطيرة.
وبلغت الاحتياطات الإجمالية للمركزي الأفغاني نهاية أبريل/نيسان الماضي 9.4 مليارات دولار، حسب صندوق النقد الدولي، قرابة 7 مليارات توجد بالولايات المتحدة، والبقية موزعة على دول مثل ألمانيا وسويسرا والإمارات وقطر.
وأوضح مسؤولو البيت الأبيض أن احتياطات المركزي الأفغاني تعود جزئيا إلى المساعدات الدولية التي تلقاها، خصوصا من الولايات المتحدة التي كانت أكبر المانحين الأجانب للحكومة الأفغانية قبل سيطرة طالبان على السلطة في أغسطس/آب 2021.
قرار منحط
وردا على قرار بايدن، قال المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان إن سرقة أموال الشعب الأفغاني التي جمدتها الولايات المتحدة والتصرف فيها "تدل علی أعلی مستوى انحطاط". وأضاف نعيم، في تغريدة، أن "الهزيمة والنصر واردان في تاريخ البشرية، لكن الهزيمة الكبری والفاضحة أن يجرب بلد أو شعب ما، هزيمة عسكرية وأخلاقية معا".
وكانت طالبان قد دعت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي الكونغرس إلى الإفراج عن أصول المركزي الأفغاني لمواجهة الوضع الإنساني والاقتصادي الصعب في البلاد، كما حثت روسيا الولايات المتحدة على وجه الخصوص على الإفراج عن هذه الأصول.
وجمدت الولايات المتحدة مليارات الدولارات من الأصول الأجنبية الأفغانية بعد استيلاء طالبان على السلطة، كما توقف تدفق المساعدات المالية الأجنبية على البلاد، وتخشى البنوك الدولية أن تمتد إليها العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة وواشنطن على طالبان المدرجة ضمن قائمة الإرهاب أميركيا وأمميا.
من جهة أخرى، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن المنظمة طالبت بفك تجميد الأصول الأفغانية، مشيرا إلى أن الخطوة التي اتُـخذت اليوم بهذا الصدد تبعث على الشعور بالتشجيع.
جمدت الولايات المتحدة مليارات الدولارات من الأصول الأجنبية الأفغانية بعد استيلاء طالبان على السلطة بأفغانستان، كما توقف تدفق المساعدات المالية الأجنبية على البلاد
وعبر دوجاريك عن اعتقاده بأنه من المهم التأكيد على أن المساعدة الإنسانية وحدها لن تكون كافية لتلبية الاحتياجات الهائلة للأفغان على المدى الطويل. وأشار إلى أهمية إعادة تشغيل الاقتصاد الأفغاني من أجل تلبية احتياجات الشعب بطريقة مستدامة وذات مغزى.
خطة أممية
وفي سياق متصل، أظهرت مذكرة داخلية للأمم المتحدة -اطلعت عليها وكالة رويترز- أن المنظمة تهدف هذا الشهر إلى استحداث نظام لمقايضة مساعدات بملايين الدولارات بالعملة الأفغانية، في خطة ترمي إلى التخفيف من وطأة الأزمات الإنسانية والاقتصادية، مع عدم مرور الأموال من خلال طالبان وقادتها المدرجين على القوائم السوداء.
وتحدد المذكرة التوضيحية الصادرة عن الأمم المتحدة، والتي كتبت الشهر الماضي، معالم ما يسمى ببرنامج التبادل الإنساني الذي وصفته بأنه آلية "تشتد الحاجة إليها".
وسيسمح البرنامج للأمم المتحدة، وللمنظمات الإنسانية، بالوصول إلى مبالغ كبيرة من العملة الأفغانية المحلية التي تحتفظ بها الشركات الخاصة في البلاد.
في المقابل، ستستخدم الأمم المتحدة أموال المساعدات، التي تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات، لسداد ديون تلك الشركات الأفغانية للدائنين الأجانب، وبالتالي دعم القطاع الخاص المتعثر وجلب الواردات الحيوية.
وتحذر المنظمة الدولية من أن أكثر من نصف سكان أفغانستان، البالغ عددهم 39 مليون نسمة، يعانون من الجوع الشديد، وأن الاقتصاد والتعليم والخدمات الاجتماعية على شفا الانهيار.