يعد سجن "صيدنايا" في العاصمة السورية، دمشق، أحد أبرز سجون النظام السوري التي مارس فيها عمليات التعذيب والقتل الوحشي للمعارضين والخصوم السياسيين، والنشطاء الحقوقيين.
ويعتبر السجن الذي أنشئ في ثمانينيات القرن الماضي، نموذجًا للقمع وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، ويعكس الظروف الصعبة التي يعيشها المعتقلون السياسيون وغيرهم في ظل الأنظمة القمعية.
أين يقع السجن؟
يشار إلى "صيدنايا" على أنه أكثر السجون سرية وقسوة، ويقع السجن بالقرب من بلدة صيدنايا، على بعد حوالي 30 كيلومترًا شمالي العاصمة السورية دمشق. افتُتح عام 1987، واعتُبر في البداية مركزًا لاحتجاز العسكريين، لكنه لاحقًا أصبح مخصصًا أيضًا للمعتقلين السياسيين والمدنيين.
جرى تصميم السجن بشكل يشبه القلعة، ويتألف من مبنيين رئيسيين بالإضافة إلى عدد من المرافق، ويُعرف بأنه شديد التحصين ومجهز لمنع أي محاولة هروب.
يُعرف سجن صيدنايا بأنه أحد أكثر السجون قسوة في العالم، وتُتهم إدارة السجن التابعة للنظام السوري، باستخدام أساليب تعذيب وحشية، والمعاملة اللاإنسانية للمعتقلين الذين تعرضوا فيه لأساليب تعذيب جسدية ونفسية قاسية، وصلت حد الإعدام.
إعدامات بالجملة
وتشير تقارير إلى وجود إعدامات جماعية وسرية داخل السجن، خاصة بعد الثورة السورية عام 2011، ففي عام 2017، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا بعنوان "مسلخ بشري"، أشارت فيه إلى أن ما بين 5 آلاف، و13 ألف شخص أُعدموا في سجن صيدنايا بين عامي 2011 و2015، فيما قالت تقارير حقوقية أخرى، إن عمليات الإعدام التي تُنفذ بشكل ممنهج، غالبًا ما تنفذ عن طريق الشنق.
لم تقف قسوة السجن وإدارته عند حد القتل والتعذيب والتنكيل، بل إن شهادات مروعة كشفت عن عمليات اغتصاب واسعة للسجينات داخل المعتقل، خصوصا للسجينات السياسيات اللواتي جرى اعتقالهن عقب ثورة 2011.
أغلقت السلطات السورية السجن تمامًا أمام المنظمات الحقوقية الدولية، ولا توجد إمكانية للوصول إليه بشكل مستقل، ولذلك فإن معظم المعلومات المتوفرة تأتي من شهادات الناجين أو المنظمات الحقوقية.
غرف الملح
كشفت تحقيق لـ"فرانس برس"، وجمعية المعتقلين والمختفين في سجن صيدنايا عن وجود غرف مليئة بالملح في السجن.
وأشار التحقيق إلى أن سجن صيدنايا يفتقر إلى ثلاجات لتخزين جثث المعتقلين الذين ينتهي بهم الأمر للموت نتيجة التعذيب أو سوء ظروف الاعتقال.
ويبدو أن إدارة السجن لجأت إلى الملح الذي يبطئ عملية التحلل، حيث توجد غرفتا ملح في السجن تعملان كممرات توضع فيها جثث الموتى حتى يحين موعد نقلها.
ونقلت الوكالة عن أحد المعتقلين السابقين في السجن، قوله، إن الغرفة مستطيلة الشكل بطول 7 أو 8 أمتار وعرض 6 أمتار، وأحد جدرانها مصنوع من الحديد الأسود وفيه بوابة في المنتصف.
وأشار إلى أن الغرفة الأولى تقع في الطابق الأول من المبنى المعروف بالأحمر، وهو جسم مركزي تتفرع منه 3 أجنحة، بينما يبلغ طول الغرفة الثانية 5 أمتار وعرضها 4 أمتار، وتقع في نفس الجناح من الطابق الأول.
وقال المعتقل: "شاهدت 4 أو 5 جثث ملقاة في غرفة الملح، وكانت الجثث مثل المومياوات وكأنها محنطة أو هيكل عظمي مغطى بالجلد".
من جهته، أكد رئيس جمعية معتقلي صيدنايا، دياب سارية، أن الغرف استخدمت لجمع جثث الأشخاص الذين ماتوا تحت التعذيب أو ماتوا نتيجة المرض أو الجوع.
صباح الأحد، الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024 سقط السجن في يد المعارضة السورية المسلحة، والتي سارعت إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين فيه، والذين ظهروا بحالة صحية صعبة، وهزال عام، من بينهم عشرات النساء، وبعض الأطفال.