قال رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث السويداء (جنوب شرق سوريا)، القاضي حاتم النعسان، الأحد، إن اللجنة وثقت أكثر من 800 إفادة ضمن محاضر رسمية، وجمعت الأدلة المتعلقة بالأحداث وتم حفظها بما يضمن سلامتها القانونية أمام القضاء.
وأوضح النعسان، في مؤتمر صحفي، أن اللجنة نظمت أكثر من 900 استمارة تتعلق بالضحايا وذويهم، وزارت مواقع الاعتداءات ووثقتها باستخدام أدوات التحليل الجنائي الميداني.
وأضاف أن صلاحيات اللجنة غير محدودة، مؤكدا أن "كل من ارتكب انتهاكا ستتم محاسبته"، مشيرا إلى أن التحقيقات شملت الاستماع لقادة فرق وعسكريين ومسؤولين مرتبطين بالأحداث.
وقال النعسان إن عناصر ظهروا في مقاطع مصورة تم توقيفهم وإحالتهم إلى وزارتي الدفاع والداخلية لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وحسب رئيس اللجنة، حصلت الفرق على تقارير مهنية وطبية من الأطباء الشرعيين الذين عاينوا الجثث ضمن سياق التحقيقات الجارية.
وقال النعسان، إن ما شهدته المحافظة في يوليو/تموز 2025 من قتل واعتداءات ودمار وتهجير قسري، إلى جانب تفشي خطاب الكراهية، "انتهاكات جسيمة لا يمكن التعامل معها بمعالجات شكلية أو سياسية، بل تستوجب تحقيقا فعالا يلتزم بالمعايير القانونية الواجبة".
وأضاف أن اللجنة تستند في عملها إلى القرار رقم /1287/ لعام 2025 الصادر عن وزير العدل، وإلى الإطار القانوني المحدد في المادة 51 من الإعلان الدستوري، فضلا عن المعاهدات والاتفاقيات الدولية المصدق عليها من قبل سوريا، والتي تعد جزءا من التشريع الوطني.
وأوضح أن ولاية اللجنة تشمل النظر في الجرائم والانتهاكات استنادا إلى قانون العقوبات السوري رقم 148 لعام 1949 وإلى قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بما فيها اتفاقيات جنيف الأربع والمادة المشتركة الثالثة، مع مراعاة مبادئ الإنسانية والتمييز والضرورة والنسبية.
وأشار رئيس اللجنة إلى أن المنهجية المعتمدة في العمل تتوافق مع مبادئ الأمم المتحدة الخاصة بلجان التحقيق، وتشمل كشف ملابسات الأحداث وتلقي الشكاوى وتحديد هوية المرتكبين، إضافة إلى تحديد المسؤولية الفردية وضمان عدم الإفلات من العقاب وإصدار توصيات تمنع تكرار الانتهاكات.
وتابع النعسان أن منهجية اللجنة تقوم على عدم الإضرار وضمان حماية الشهود والضحايا وذويهم وموظفي اللجنة، مؤكدا أن عمل اللجنة يسعى أيضا إلى الإسهام في مسار يعزز المصالحة الوطنية بين أطراف النزاع.
ولفت إلى أن أعضاء اللجنة يعملون باستقلالية تامة ودون تلقي أي تعليمات من أي جهة، ويلتزمون بالحياد الكامل في التحقيق بكل الانتهاكات المزعومة من جميع الأطراف، مع احترام سرية المعلومات والمداولات.
وقال إن "اللجنة على كسب ثقة المتضررين والشهود وغيرهم من أجل الحصول على تعاونهم في تقديم المعلومات وألا تقدم وعودًا من غير المحتمل الوفاء بها وضبط سقف توقعات ذوي الضحايا فيما يتعلق بصلاحيات اللجنة".
وأشار إلى أن فرق التحقيق نفذت خلال الأشهر الثلاثة الماضية زيارات ميدانية لمواقع الاعتداءات في أرياف دمشق وإدلب والسويداء ودرعا، إضافة إلى المستشفيات، وجمعت الأدلة وحفظها بما يضمن سلامتها أمام القضاء، فضلاً عن تحديد أنماط الهجوم ومسارات الاعتداء وتوصيفها قانونيًا.
وأضاف أن اللجنة أجرت مقابلات مع ناجين ومتضررين وشهود عيان، وتابعت ملفات الموقوفين والمختطفين والمفقودين، محققة تقدما في بعض الحالات.
وأكدت أن التحقيقات ستتواصل للوصول إلى الحقيقة الكاملة، ومنع تكرار الانتهاكات، ودعم مسار بناء الثقة بين أطراف النزاع بسوريا.
ومنذ 19 يوليو/ تموز الماضي، تشهد محافظة السويداء وقفا لإطلاق النار عقب اشتباكات مسلحة دامت أسبوعا بين مجموعات درزية وعشائر بدوية، خلفت مئات القتلى.
وتبذل الإدارة السورية الجديدة جهودا مكثفة لضبط الأمن في البلاد، منذ الإطاحة في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بنظام بشار الأسد، بعد 24 عاما في الحكم.