برلمان بلا لحية.. هل يدفع حزب النور السلفي ثمن تأييد السيسي؟
- الجزيرة نت الاربعاء, 23 سبتمبر, 2020 - 10:41 صباحاً
برلمان بلا لحية.. هل يدفع حزب النور السلفي ثمن تأييد السيسي؟

[ يونس مخيون رئيس حزب النور السلفي في مصر (الجزيرة) ]

لم يكن مستبعدا خروج حزب النور -الذراع السياسية للدعوة السلفية (كبرى الحركات السلفية بمصر)- صفر اليدين من انتخابات مجلس الشيوخ التي أجريت الشهر الماضي، وسط توقعات بتذيله أيضا انتخابات مجلس النواب التي ستجري أواخر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

 

التموضع الجديد للحزب السلفي في ذيل الاستحقاق الانتخابي الأخير، عزاه باحثان في حديثين منفصلين للجزيرة نت، إلى خسارته قاعدته الجماهيرية التي ترفض سلوكه منذ ساند الانقلاب العسكري عام 2013، إضافة إلى كونه أصبح منبوذا من القوى السياسية ونظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، على الرغم من كل التنازلات التي قدمها.

 

وذهب الباحثان إلى أن الحزب أضحى سياسيا ومجتمعيا "ميتا إكلينيكيا" بعد استخدامه من قبل النظام، منذ أن كان أحد الوجوه التي تصدرت بيان الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في البلاد، الرئيس الراحل محمد مرسي.

 

وما يعزز الطرح السابق، تأكيدات قادة الحزب تعرض مرشحي النور لمضايقات وتضييقات خلال الانتخابات الأخيرة، بخلاف رفض انضمامه من قبل التكتلات الحزبية ذات الثقل، والتي أعدتها جهات أمنية -وفق مراقبين- لتعيد هذه المؤشرات تساؤلات حول مستقبل الحزب السلفي، ودوره على الساحة السياسية.

 

من الوصافة لصفر مقاعد

 

منذ ترخيصه رسميا بعد نحو 5 أشهر من ثورة يناير/كانون الثاني 2011، فرض حزب النور نفسه كرقم مهم في الحياة الحزبية مستثمرا الزخم الثوري آنذاك، غير أنه واجه بوتيرة متسارعة تراجعا في مكتسباته السياسية والاجتماعية في السنوات الأخيرة.

 

وجاء هذا الانهيار بعد أن كان النور وصيفا حزبيا في أول انتخابات تشريعية تشهدها مصر عقب الثورة، بكتلة تصويتية اقتربت من الربع، مرورا بحصوله على 12 مقعدا فقط من أصل 596 في انتخابات النواب التي أجريت عام 2015.

 

والشهر الماضي، لم يتمكن 12 مرشحا فقط للحزب من الحصول على أي مقعد في انتخابات الشيوخ التي شهدت عزوفا شعبيا ملحوظا، لم يرتبط بالحزب فحسب بل بالعملية الانتخابية برمتها.

 

وعلى الرغم من التراجع الكبير للنور السلفي، إلا أن محللا تحدث للجزيرة نت وأكد أن المزاج الشعبي حتى الآن لا يزال في صالح التيار الإسلامي، مستشهدا بدراسة أجراها مركز "تكامل مصر" منتصف الشهر الجاري حول انتخابات مجلس النواب القادم، تشير إلى أن 63% من مجتمع الناخبين لا يزال مؤيدا للتيار الإسلامي.

 

فيما رأى المحلل الآخر أن انتخابات مجلس الشبوخ شهدت عزوفا من الشعب المصري عن المشاركة في التصويت، مما يعكس حالة من عدم الرضا عن المشهد السياسي الحالي الذي يتسم بكمّ الأفواه.

 

عزل سياسي

 

الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد مولانا، رأى أن حزب النور فقد قاعدته الجماهيرية بعد دعمه للانقلاب العسكري، وكذلك نبذه من قبل القوى السياسية الداعمة للسيسي، الأمر الذي جعله معزولا شعبيا وسياسيا، وأن ما حققه مؤخرا يعبر عن افتقاده لأي رصيد سياسي في المجتمع المصري.

 

وفي السياق ذاته، عزا الباحث مصطفى خضري -رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام " تكامل مصر" (غير حكومي/مقره القاهرة)- تراجع النور وخروجه صفر اليدين بعد أن كان وصيفا برلمانيا عقب الثورة، إلى 4 أسباب يتمثل أولها في خروجه عن الخط العام للتيار الإسلامي واصطفافه مع النظام، وثانيها سكوته وكوادره الدعوية والسياسية أمام تعمّد السيسي ونظامه إظهار العداوة الصريحة لشعائر الإسلام وشرائعه مثل هدم المساجد ومحاولة التدخل في أحكام الطلاق والفتوى.

 

أما السبب الثالث، فيتمثل في انكشاف كوادر الحزب ودعاته أمام قواعدهم، بعد تبني خط سياسي يتعارض تماما مع القواعد الأصولية التي بني عليها كـ"الولاء والبراء"، و"تطبيق الشريعة" وغيرها، فيما يأتي تعمد نظام السيسي حرق حزب النور وكوادره بعد انتهاء الحاجة إليهم كسبب رابع، وفق خضري.

 

موت إكلينيكي

 

وعن مستقبل "النور" سياسيا، قال مولانا إن الحزب ليس لديه مستقبل سياسي، موضحا أن النور يعيش حالة من الموت الإكلينيكي، فلم تعد لديه قاعدة شعبية، ولا نظام السيسي يتبنى خيار دعمه، وبالتالي أصبح جزءا من الماضي ولم يعد له حضور في الواقع.

 

ومستبعدا وجود تداعيات سلبية على نظام السيسي من تغييب طرف إسلامي مؤيد له، أكد مولانا أن السيسي استنفد أغراضه من حزب النور.

 

واتفق قليلا مع الطرح السابق الباحث خضري، قائلا إن السيسي يروّج لنظامه عالميا بأنه نظام علماني، ولذلك فمن صالحه التخلص من أي حزب عقدي كحزب النور من داخل منظومته السياسية، خاصة بعد أن فقد الحزب تماما القدرة على الحشد الشعبي للنظام أو توفير الغطاء الشرعي لسياساته.

 

وتوقع خضري حل الحزب واعتقال كوادره قريبا، إذا استمر نظام السيسي في الحكم، مشيرا إلى أن الحزب سيكون أمام طريقين: إما أن يتحول إلى حزب كرتوني، أو يحدث به انقلاب داخلي يصعد بأعضاء لم يصطفوا مع السيسي.

 

التحولات الإقليمية

 

وربط خضري بين تراجع النور والتحولات الإقليمية خصوصا في السعودية التي تشهد تغييرات دينية واجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية متسارعة تتجه نحو علمنة المجتمع، موضحا أن ارتباط حزب النور بالمنهج الوهابي فكريا والتمويل الخليجي -خاصة السعودية- اقتصاديا، جعله أكثر المتأثرين بتغير توجهات آل سعود.

 

وأضاف أن الحزب أصبح في موقف لا يحسد عليه، فلا هو قادر على التبني الصريح لمنهجه الفكري بعد انقلاب دعاة المنهج عليه، ولا هو قادر على الحشد لنفسه بعد جفاف منابع التمويل.

 

وفي المقابل، استبعد مولانا تأثير التغيرات في السعودية على المشهد المصري الداخلي، قائلا إن شرائح من الشعب المصري لم تختر حزب النور في 2011 استجابة للسعودية، إنما أملا في أن يقدم الحزب نموذجا سياسيا راقيا يرتبط بالهوية الحضارية الإسلامية، لكن عندما فشل في ذلك انفضّ عنه المواطنون.


التعليقات