قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا: "إن القرار الإماراتي بإحالة 84 من معتقلي الرأي أمام محكمة أمن الدولة تمهيدا لمحاكمتهم بتهم جديدة ملفقة، بعد انتهاء مدة محكومية معظمهم هو سلوك يعكس الوجه القبيح للنظام الإماراتي الذي يصدّر للعالم صورة دولة السعادة والحرية والرفاهية، بينما هو ماضِ في قمع نشطاء حقوق الإنسان وارتكاب مزيد من الانتهاكات دون اكتراث بالقوانين الدولية، ومناشدات المنظمات الحقوقية الرسمية وغير الحكومية الداعية إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد".
وأضافت المنظمة في بيان لها اليوم الاثنين أرسلت نسخة منه لـ "عربي21": "إن وسائل إعلام إماراتية رسمية أعلنت السبت الماضي، أن النائب العام الإماراتي، أمر بإحالة 84 متهماً إماراتياً إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية (محكمة أمن الدولة) لمحاكمتهم عن "جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة"، لتبدو وكأنها قضية جديدة، لكن في الواقع لم تكن هذه سوى تكرار لذات التهمة التي وجهت للعديد من النشطاء والمعارضين قبل سنوات والتي عرفت بمجموعة "الإمارات 94"، وزج بهم في السجون على إثرها حتى الآن".
وأوضحت المنظمة أن عددا كبيرا من هذه المجموعة محتجزون منذ ما يقرب من عقد من الزمن، وقد انتهت مدة عقوبتهم، أو شارفت على الانتهاء بعد محاكمات جائرة ومسيسة حُرموا فيها من حقهم في التمتع بمحاكمة عادلة، إذ قُبض عليهم بسبب مطالبتهم بإرساء قواعد الديمقراطية في البلاد وإعطاء مساحة أكبر لحرية الرأي، وحوكموا في محاكمة جماعية كبيرة شهدت خروقات قانونية فجة ونتج عنها أحكام إدانة قاسية بحقهم، مع تعريضهم للتعذيب النفسي والجسدي، بالإضافة إلى التنكيل بعائلاتهم بتجريد بعضهم من الجنسيات وفرض حظر على سفرهم، مع التضييق عليهم أثناء الزيارات، وحرمانهم من أغلب الخدمات المقدمة للمواطنين.
ولفتت المنظمة الانتباه إلى أن هذا القرار جاء بعد أسابيع قليلة من انتهاء قمة المناخ التي عُقدت في دبي، التي كان انعقادها في الإمارات بمثابة تحدي للقيم الإنسانية والأخلاقية، وإعلان صريح بالتخلي عن الضحايا وتفضيل المصالح الدبلوماسية والصفقات العسكرية والاقتصادية والسياسية على احترام حقوق الإنسان.
وذكرت أنه وقبيل انعقاد القمة ناشدت العديد من المنظمات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم الدول المشاركة الامتناع عن المشاركة في تلك القمة، أو على الأقل أن تحاول تلك الدول استغلال الموقف وإثارة قضايا حقوق الإنسان وانتزاع ضمانات من النظام الإماراتي لتحسين الأوضاع والإفراج عن المعتقلين وفك القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير.
لكن الواقع جاء صادمًا، فعلى الرغم من حديث بعض قادة الدول عن أوضاع معتقلي الرأي وحالات خاصة لبعضهم مثل المعتقل أحمد منصور، إلا إنه كان حديثا أجوفا شكليا لا ينبني عليه عمل، ليواجه النظام الإماراتي هذا الحديث كغيره بلا مبالاة وتجاهل، ثم لم يلبث أن أصدر القرار المذكور إيغالا في ذات الانتهاكات التي تواجه الإمارات انتقادات حقوقية بسببها.
ولفتت المنظمة الانتباه إلى أن الناشط الإماراتي والمعتقل السياسي الأبرز أحمد منصور ضمن قائمة المعتقلين الـ84 والمعتقل منذ حوالي 10 سنوات تعرض خلالها لسيل من الانتهاكات، ورغم كل البيانات والتقارير الأممية والحقوقية عن حالته، وتوثيق حالته كمعتقل تعسفي دون شك، إلا دول العالم لم تعر حالته اهتماما حقيقيا، ولم يتم اتخاذ أي اجراء لإنقاذه مع غيره ممن يتعرضون لانتهاكات منهجية داخل السجون الإماراتية.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي مجددا إلى اتخاذ خطوات فعالة للضغط على النظام الإماراتي وإلزامه بإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي دون قيد أو شرط فيكفي ما واجهوه من ظلم وقضاء سنوات من عمرهم في سجون سيئة السمعة تسببت لهم بأمراض كثيرة فقد آن الأوان أن يعود هؤلاء إلى بيوتهم ومعاملتهم وعائلاتهم كسائر المواطنين .
وكان النائب العام للدولة في الإمارات حمد سيف الشامسي، قد أعلن السبت الماضي، عن إحالة 84 متهما "أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين" إلى محكمة أمن الدولة، لـ"محاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة".
وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، فإن المتهمين كانوا "قد أخفوا هذه الجريمة وأدلتها قبل ضبطهم ومحاكمتهم في القضية رقم (17) لسنة 2013 جزاء أمن الدولة".
ولم يذكر البيان أسماء المشتبه بهم، على الرغم من أنه وصف "معظم" المحتجزين بأنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين.
وقال الشامسي إن المتهمين جميعهم جرى تعيين محامين لهم، وبعد ما يقرب من ستة أشهر من البحث، أحالت النيابة المتهمين إلى المحاكمة. وقال البيان إن المحاكمة ما زالت مستمرة.
وفي ديسمبر/ كانون الأول، جرى الإبلاغ عن المحاكمة لأول مرة من قبل مركز الإمارات للدفاع عن المعتقلين، وهي مجموعة يديرها إماراتي ـ يُدعى أيضًا حمد الشامسي ـ يعيش في المنفى في إسطنبول بعد أن أدرجته الإمارات العربية المتحدة نفسه على قائمة الإرهاب.
ومن بين المتهمين المحتملين في هذه القضية أحمد منصور، الحائز على جائزة مارتن إينالز للمدافعين عن حقوق الإنسان في عام 2015. وأثار منصور مراراً وتكراراً غضب السلطات في الإمارات العربية المتحدة من خلال دعوته إلى حرية الصحافة والحريات الديمقراطية في هذا الاتحاد المكون من سبع مشيخات.
واستُهدف منصور ببرامج تجسس إسرائيلية على جهاز الآيفون الخاص به في عام 2016، ومن المرجح أن الحكومة الإماراتية استخدمتها قبل اعتقاله عام 2017 والحكم عليه بالسجن مدة 10 سنوات بسبب نشاطه.