حققت حلم والدها.. شابة لبنانية تحول بقالة صغيرة إلى مكتبة عريقة وصالون أدبي
- الجزيرة نت الأحد, 01 ديسمبر, 2019 - 01:58 مساءً
حققت حلم والدها.. شابة لبنانية تحول بقالة صغيرة إلى مكتبة عريقة وصالون أدبي

مكتبة "الحلبي" اسم برز بشكل مدهش في عالم الكتب. ولعل أغرب ما في الأمر أن هذه المكتبة كانت في السابق متجرا صغيرا للبقالة.

 

أحب عبد الله الكتب فجمعها طيلة حياته، وشيئا فشيئا امتلأ المتجر بالكتب، وانتقلت الكتب لتحتل زوايا المنزل، وتحت الدرج أيضا.

 

وبمساعدة ابنته "لانا" تلاشى المتجر، وأبصرت المكتبة النور، وأنجزت ابنته ما كان مستحيلا، فحققت الحلم، وأصبحت "مكتبة الحلبي" إحدى أشهر المكتبات في بيروت، سواء لمن أراد شراء الكتب أو قراءتها داخل المكتبة.

 

في العام 2013، فكرت الابنة لانا الحاصلة على بكالوريوس إدارة الأعمال والتسويق، في طريقة لتحقيق حلم أبيها، فأنشأت صفحة على موقع فيسبوك باسم المكتبة التي لم يكن لها وجود حقيقي، لعرض بعض الكتب الموجودة علها تكون مفيدة لأحدهم.

 

واستطاعت تلك الصفحة جذب عدد بسيط من المتابعين في أول الأمر، لكنها أصبحت بعد ذلك معرضا كبيرا يضم عشرات الإعلانات للكتب والفعاليات الثقافية.

 

أعرق مكتبة مع ناد للقراءة

 

تروي لانا الحلبي كيف حولت فكرة الحلم إلى واقع وقصة نجاح كبيرة، قائلة "منذ صغري جاءتني فكرة بيع الصحف وبعض الكتب القديمة والإصدارات الجديدة في زاوية صغيرة من محل البقالة، وكان هناك إقبال كبير على الشراء، فقررت أن يتحول المحل إلى مكتبة".

 

ومن خلال علاقاتها وتأسيسها لصفحة فيسبوك، أصبح لديها تواصل مع دور النشر، ونجحت في المشاركة بعدة معارض، وشجع الاهتمام الذي وجدته عند كثيرين على الانخراط في مشروع المكتبة وتطوير دورها.

 

كما نجحت في إدخال أنشطة القص وحلقات القراءة وجلسات النقاش، التي أسس على ضوئها نادٍ للقراءة يجمع الأعضاء، ويستوقف المارة الذين تجذبهم الاحتفالية الثقافية المقامة تحت شجرة، فينضم بعضهم إلى احتساء الشاي والاستماع للنقاش والمشاركة فيه.

 

وصار للأطفال حصة كبيرة في مكتبة الحلبي، فعلى رفوفها العديد من القصص الخاصة بهم. كما تقيم المكتبة جلسات أسبوعية لقراءة قصص مختلفة للأطفال تعزيزا لثقافة القراءة وتشجيع الأطفال عليها وتوسيع مخيلتهم.

 

حياة بطعم ومعنى

 

لانا تركت وظيفتها كمتخصصة في شؤون العملاء بالمنطقة العربية لشركة دولية، وانصب تركيزها وجهدها على تجديد المكتبة مع احتفاظها بهويتها ودفئها.

 

تقول لانا للجزيرة نت "لم تعد وظيفتي السابقة ممتعة.. تطورت في عملي حتى وصلت مرحلة أدركت فيها أن مهمتي انتهت داخل الشركة.. لا أندم على خسارة وظيفتي، لأن العمل بين الكتب جعل لحياتي طعما ومعنى.. أتحدث مع الناس عن الكتّاب والروائيين وأستفيد من مناقشة أي كتاب أو فكرة، على عكس عملي السابق.. فهنا لا مكان للتزييف.. هنا أسلوب حياة مختلف".

 

 

وأضافت لانا خدمة بيع الكتب عبر البريد داخل لبنان وخارجه، فإلى جانب كل المدن اللبنانية استطاعت تأمين كتب نادرة وإرسالها إلى أشخاص في قطر وإسبانيا والسعودية، وهو ما حقق ربحا ماديا حوّل المشروع إلى مصدر دخل يمكنها الاعتماد عليه.

 

تشارك المكتبة في توسيع نطاق القراءة بين الناس، فهي ليست وسيطا بين القارئ والناشر أو الكاتب فقط، ولكنها أيضا تساعد القارئ في الحصول على الكتاب المناسب وعرضه.

 

تقول لانا إن "هذه المكتبة التي نراها اليوم هي تحقيق لأمنية أبي قبل نحو 60 سنة، واليوم يتملكني الفخر بأني استطعت تحقيق هذا الحلم، تغمرني البهجة وأنا أرى السعادة في عينيه عندما يدخل القرّاء والزوار.. نحن نؤمن بأن للكتاب أهمية كبرى، وسيبقى هنالك أشخاص يعرفون قيمة الكتاب، وسيكون هنالك دائما قراء وكتّاب وناشرون".

 

زمن الكتاب لن يطوي صفحاته

 

قد تكون مكتبة الحلبي نشأت من هواية شخص وشغفه بالكتب، إلا أنها تحولت إلى مساحة عامة تعطي المكان بعضا من هويته، وتوسع أمكنة التلاقي حول الكتاب وتداول الأفكار والتجارب، لتؤكد أن زمن الكتاب لن يطوي صفحاته.

 

وكما حققت لانا حلم أبيها بإقامة مكتبته، تحلم هي أيضا أن تصبح هناك مكتبة للكتب النادرة في كل بقعة من أرض لبنان. كما تسعى لتأسيس شبكة بين هذه المكتبات يخدمها تطبيق إلكتروني يساعد كل شخص على الوصول إلى أقرب مكان يحصل منه على الكتاب الذي يريده عبر خريطة ثقافية تشع علما ومعرفة.

 

تختم لانا حديثها للجزيرة نت بقولها "شاركت في الثورة اللبنانية على طريقتي الخاصة، واخترت قراءة الكتب خاصة للأطفال لنقل الرسائل الاجتماعية والثقافية والإنسانية والبيئية المبطنة، فالقراءة لأطفال الثورة مهمة جدا للتوعية ولنشر الثقافة وبحضور وتفاعل الأهل، فالثورة ثقافية أيضا بكل معنى الكلمة".


التعليقات