مقبل نصر غالب في الحلقة الـ26 يكتب عن الخضر والعدار والنباش في الثقافة الشعبية
- تعز - خاص الخميس, 01 سبتمبر, 2022 - 01:16 صباحاً
مقبل نصر غالب في الحلقة الـ26 يكتب عن الخضر والعدار والنباش في الثقافة الشعبية

[ يواصل مقبل نصر سرد ذكرياته عن الثقافة الشعبية في مناطق العدين ]

تزخر الثقافة الشعبية بالعديد من المظاهر التي سادت وتحكمت بحياة الناس في مختلف الفترات الزمنية، بفعل العديد من المؤثرات والتأثيرات، وأدت تلك الثقافة لشيوع أنماط من السلوك الإنساني، الذي توغل في حياة الناس، واتصل بمظاهر حياتهم.

 

في هذه الحلقة يتطرق مقبل نصر غالب لبعض من مظاهر الحياة الشعبية ومتعقداتها لدى السكان في مناطق العدين، ولعل أبرز ذلك يتمثل فيما كان يٌعرف بـ الخضر، والعدار، وجارة البيت، وغيرها، من مخلفات الحقبة الماضية، كما ستفصل ذلك هذه الحلقة.

 

الخضر

 

في العدين الأبية، النبي الخضر مخلد في الدنيا، وعنده علم لدن، يمر على بيوت في القرى بزي شحات يطلب منهم غداء، من أكرمه بالغداء يعطيه حبة بر، أو دخن، ويقول له ارميها في الخلوة (غرفة من البيت) فيرميها، وتمتلئ الغرفة حبا من نوع الحبة التي رماها، ويبقى الخير في البيت إلى ما شاء الله، ومن رد الشحات ولم يعطيه شيئا يبقى الفقر مقيما عنده حتى ثالث خلفة، أي ثالث جيل من نسله.

 

اقرأ أيضا: مقبل نصر غالب في حلقته الـ25 يستعرض أدوات تلاشت وحكم وأمثال في مناطق العدين

 

لذلك كانت الأمهات تحتفظ بشيء من الطعام، لتعطي ابن السبيل المسافر على القرية إذا طلب، لعله يصادف الخضر فتربح، ما لم فقد كسبت أجرا، قالت اختي ذات مرة يا ماما هذا الأكل لا يشبع ضيفا شبعا كاملا، قالت: "أحسن حاجة الضيف المفاجئ، إن وجد معك شيئا شكرك، وإن لم يجد عذرك، ليس كالضيف الرسمي الذي يأتي بعزومه واستعداد لها مسبقا، لا يعذرك إن قصرت معه، ومع ذلك نادرا جدا ما يمر شخص يطلب طعاما، والمسافر يحمل زاده معه.

 

إن الخضر أشبه بليلة القدر، وما فيها من أساطير وحكايات، منها ما يروى عن أم علي جبح في الملاوحة (منطقة فيها سوق الفلق)، ويتداول الناس قصتها بأنها رأت ليلة القدر، فقالت اسالك اللهم الحب والحلب والفضة والذهب وعصبة من الرجال لا تغلب، وقد حاول جيش الإمام هزيمة أولاد علي جبح وما قدر، وضرب قصره بالمدفعية وهو لا يبالي، فعملوا له مهجل (زامل):

 

علي جبح يهناك والشجاعة

تسمع ضرب النار تقول مداعة

 

وكانت بنت على جبح تدخل سوق مدينة تعز، وتمشي فوق الحصان رافعة الرأس، وفي يدها بندق، فلا يجرؤ على اعتراضها عكفي أو عسكر الإمام، ومن ثيابها المزركشة وزينتها ظنوا أنها من جبل صبر، وما تفرق لأن عدينة امتداد العدين واللهجة الحميرية واحدة.

 

جارة البيت

 

ومن ثقافة التخلف أيام حكم الإمام ما كان يُعرف بـ جارة البيت، وهي جنية (من الجن) تستخدم كل أدوات البيت نصف الليل، تطحن، تخبز، تعصد،  دون أن ينقص من مدخرات البيت أي شيء، بل إن بعض النسوان تقول لها بقي لنا صلعة (فطيرة) للجهال، فتقوم الصباح وتجد الصلعة على حافة المأفي (التنور) لكنها بلا ملح، وأن جارة البيت طيبة محترمة لا تؤذي أحد، وليست مثل صياد (جنية شريرة) وساحرة تقلب الإنسان حمارا، والحمار وزيرا، ويقول أبو هريرة إنه قابل ابنها (ابن صياد) بل شاهد الدجال مربوطا في جزيرة وهو أعور ومكتوب في جبهته كافر، وسيظل مربوطا حتى يأذن الله بفكاكه (كأنه مخلد في الحياة في نظر أبو هريرة).

 

اقرأ أيضا: مقبل نصر غالب في حلقته الـ24 ينبش في الذاكرة الشعبية في العدين ويستعرض مفردات ونباتات وحكايات انقرضت

 

العدار

 

وهناك العدار (شبح)، ويظهر في الطريق يحيف الناس المتحركين في الليل من أهل القرية، ولا يفجع المسافرين من قرى أخرى، عادة يشبه واحد من أهل القرية القدامى، وهو غير عدار الدار الذي تعلمه ذمار، وتفسرها الأفلام الأجنبية أن هناك شخص ما انكشفت عظامه في قبره، أو بعض أشلاء من جسمه ولم تدفن، فيبحثون عن هذه البقايا أينما وجدوها ويدفنوها ويختفي الشبح.

 

وهناك ثقافة المسخ، يقال بعض الناس تؤثر عليه أشعة القمر حين يكتمل ويصير بدرا تاما، ويعمل مدا وجزرا في الدورة الدموية، فيتحول الانسان وحشا كاسرا يقتل، يذبح، يأكل، حتى ينمو له ذيل مثل ذيل الكلب يسمى (أبو كلبة)، وعندما يأفل القمر في الصباح يعود الشخص إلى حالته الطبيعية.

 

اقرأ أيضا: مقبل نصر غالب في حلقته الـ22 .. يستعرض أغاني العدين ولوازم العمل بالأرض وأزياء السكان وأوانيهم التقليدية

 

واستدلوا بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم أيام البيض من كل شهر (أيام اكتمال القمر) فيأتي الليل وجسمه ضامر فلا يؤثر فيه، ومن اضطر إلى عمل في هذه الليالي عليه بصيام أيام البيض لتجنب المسخ.

 

النباش

 

 ومن الثقافة الشعبية النباش، ويقال أنه ينبش قبر الميت الجديد ويأخذه ويأكل لحمه، ويعيد دفن القبر كما كان، خاصة الذي نجمه الحمل (من النجوم الفلكية)، تبين أن الصفات هذه صفاة غوريلا مولعة بلحم الأموات، ومن صفاتها تعيد الأمور إلى نصابها، إن ضربته بعصا يأخذ العصا من يدك ويضربك بها ويعيدها اليك، وإن رجمته بحجر يأخذ نفس الحجر يرميك به، لذلك يسحب الميت من القبر ويعيد تسوية القبر كما كان.

 

اقرأ أيضا: مقبل نصر غالب في حلقته الـ22 .. يستعرض أغاني العدين ولوازم العمل بالأرض وأزياء السكان وأوانيهم التقليدية

 

يتبع في الحلقة القادمة.

 

*خاص بالموقع بوست.

 


التعليقات