الحرب على الإرهاب في اليمن.. بين المخاوف والنتائج (تقرير)
- وئام عبدالملك الأحد, 12 مارس, 2017 - 03:12 صباحاً
الحرب على الإرهاب في اليمن.. بين المخاوف والنتائج (تقرير)

[ عملية الإنزال للقوات الأمريكية في أبين - أرشيفية ]

تواصل الولايات المتحدة الأمريكية هجومها المكثف ضد تنظيم القاعدة في اليمن، الذي بدأ نشاطه في عام 1992 باستهدافه لفندقين في عدن (جنوب)، مهددًا حياة جنود أمريكيين.
 
استهدف الطيران الأمريكي بعديد من الغارات الجوية باستخدامه طائرات دون طيار، وأخرى من نوع أباتشي، فضلا عن عمليات إنزال جوي، عناصر يشتبه بانتمائهم للقاعدة.
 
 استطاعت أمريكا من خلال هذا الملف تعزيز وجودها في المنطقة، لحماية الخليج، إلى جانب تحجيم الدور الإيراني المُهدد لدول مجلس التعاون الخليجي عبر اليمن الحدودية مع السعودية وعمان.
 
ضحايا مدنيون
 
منذ أن بدأت الولايات المتحدة غاراتها الجوية ضد القاعدة في اليمن عام 2002، في إطار الاتفاقية التي أبرمت بين حكومتي البلدين، سقط الكثير من المدنيين بسبب استهداف عناصر يشتبه بانتمائهم للتنظيم، وهو الأمر دفع البرلمان اليمني في أوقات سابقة للمطالبة بإلغاء تلك الاتفاقية للحد من أعداد الضحايا.
 
ففي عملية الإنزال الجوي التي نفذها الأمريكان، واستهدفت عناصر يشتبه بانتمائهم للتنظيم بالبيضاء، سقط قرابة 40 فردا بينهم نساء وأطفال، وهو الأمر الذي أثار استياء شعبيا واسعا.
 
أسباب تكثيف الغارات
 
تنظر الولايات المتحدة إلى فرع تنظيم القاعدة بجزيرة العرب، كأحد أكبر التهديدات التي يجب القضاء عليها، من أجل تأمين مصالحها، وهو ما دفعها ومنذ وقت مبكر، إلى القيام بهجمات عديدة استهدفتهم، وأدت إلى مقتل بعض قادتهم.
 
كذلك فإن رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة، التي وضعت الحرب ضد الإرهاب كأبرز اهتماماتها، هي ما جعلت اليمن المسرح الأول لها من أجل تنفيذ إستراتيجيتها.
 
ومن المتوقع أن تؤثر بشكل أو بآخر طريقة تعامل واشنطن مع ملف الإرهاب، وتحديدا في اليمن،  بعد الخسارة الفادحة التي مُني بها الأمريكان في العملية التي قاموا بتنفيذها في البيضاء.
 
تعاون ثلاثي
 
تعمل الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب في اليمن، إلى جانب التحالف العربي والقوات الشرعية، التي سبق وأن قامت قبل نحو عام بتحرير المكلا بحضرموت من سيطرة القاعدة، بالإضافة إلى محاربة التنظيم في محافظة أبين.
 
يأتي ذلك التعاون بين الأمريكان والتحالف، في إطار المصالح التي تربط بينهم والخليج، فيسعى الجميع لتأمين خطوط الملاحة الدولية، من أي عمليات قد تؤثر على السفن المحملة بالبضائع والنفط، التي تعد السعودية من أكثر الدول المنتجة له، والتي تمتلك محصولا احتياطيا كبيرا منه.
 
كذلك فإن السلطة الشرعية -التي تطالب المجتمع الدولي بتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية- ترى أن توجه الإدارة الأمريكية الجديدة تنسجم مع التوجهات اليمنية في مكافحة الإرهاب.
 
مخاوف
 
وثمة عدة تساؤلات بسبب صمت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، إزاء العمليات الإرهابية التي يقوم بها الانقلابيون في خطوط الملاحة الدولية، بداية من استهداف السفن فيه، وانتهاء بالألغام البحرية التي تهدد سلامتها.
 
كذلك فإن تركيز الضربات الأمريكية على القاعدة في المناطق الخاضعة للشرعية فقط، يثير كثير من المخاوف حول إمكانية استهداف المقاومة لصالح الانقلابيين، خاصة أن المخلوع صالح ما يزال يسيطر على الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في البلاد، فضلا عن تقديم أنفسهم للمجتمع الدولي كمحاربين للإرهاب وفقا لمفهومهم، في ظل تضليل ممنهج يقومون به في وسائل الإعلام التابعة لهم.
 
علاقة أمريكا بالخليج
 
ترتبط الولايات المتحدة بمصالح عديدة مع دول الخليج العربي، بدأت مع نشوء تلك الدول الغنية بالنفط، وانسحاب بريطانيا عام 1971 من الخليج.
 
وتتزايد حاجة أمريكا للنفط الذي تعد المملكة العربية السعودية أحد أكبر منتجيه، وتوقعت وكالة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية أن تصل نسبة استهلاكها له إلى حوالي29.2 مليون برميل يوميا في العام 2025، مقارنة بـ19.7 مليون برميل يوميا عام 2000.
 
كل ذلك يؤسس لعلاقة قوية بين الخليج والولايات المتحدة، قائمة على حماية المصالح المشتركة، والعمل وفق إستراتيجيات تكفل نوعا من التوازن في المنطفة، وتبقى فيها واشنطن هي المهيمنة على الوضع.
 
صالح والقاعدة
 
ويرى المحلل السياسي عبد الهادي العزعزي أن مشكلة تنظيم القاعدة في اليمن تعود في جانب منها إلى تركيبة النظام السابق الذي يتشظى في المحافظات المحررة، ويعتقد أن قيادته في صنعاء هي من تحركه.
 
ورغم ذلك، فالأمريكان لديهم معلومات دقيقة بهذا الخصوص، بحسب تصريح العزعزي لـ"الموقع بوست"، موضحًا أن هناك تداخلًا بين ما يسمى تنظيم القاعدة وبين بعض المصالح الداخلية لبعض القوى من تحالفات النظام السابق.
 
وبخصوص محاولة تنظيم القاعدة فرض وجوده، يرى العزعزي أن ذلك من أجل بقاء مصالح كانت قد منحت لهم في عهد النظام السابق، وأن بعضهم كان جزءًا من جيش النظام السابق، ومن كتائبه المهمة، واصفًا إياه بـ"النظام المرعب في تركيبته".
 
لكن المحلل السياسي العزعزي يفسّر تفعيل نشاط المجموعات الإرهابية في هذا التوقيت بأن الهدف منه تخفيف الضغوط على الانقلابيين في صنعاء، وأن إعلانهم جاء بعد تصريحات للمخلوع صالح والحوثي، موضحًا أن تنظيم القاعدة له حساباته أيضًا، وأنه يعمل من أجل الهدف المعلن حتى لا تنعكس الحسابات السياسية على وضعه الداخلي، وهناك موازنات مرصودة لهذا العمل.
 
ولا يستبعد العزعزي الارتباطات الإقليمية لتنظيم القاعدة في اليمن، ويقول ربما هناك أطراف أخرى ترتبط بهذه الجماعات، قد تكون إيران من بينها، موضحًا أن تنظيم القاعدة في اليمن منهار جدًا، وأن أغلب أعضائه ليسوا عقائديين.
 
وختم العزعزي تصريحه بالقول إن الفقر بسبب الحرب قد يكون له دور في بروز نشاط تنظيم القاعدة، وأن الانقلابيين يستغلون ذلك -أي خطر الجماعات الإرهابية- من أجل تحسين وضعهم التفاوضي.
 


التعليقات