38 طن جرى اتلافها خلال أربعة أشهر في ثلاث مديريات
بضائع الموت المستوردة تغزو أسواق مارب (فيديو - إنفوجرافيك)
- مارب - محمد حفيظ الاربعاء, 05 يونيو, 2019 - 09:59 مساءً
بضائع الموت المستوردة تغزو أسواق مارب (فيديو - إنفوجرافيك)

[ أطنان من المواد الفاسدة والمنتهية جرى اتلافها في ثلاث مديريات ]

" أيمن" طفل في شهره السابع من عمره أصيب بتحسس حاد في مكان تركيب الحفاظة على جسمه، لم يشفى منها حتى اليوم رغم تلقيه علاجات ومراهم عديدة .

 

يقول أحمد والد الطفل أيمن إن طبيب الاطفال أكد إصابة أيمن بتحسس إثر ارتداءه حفاظات منتهية الصلاحية.

 

لم يكن أيمن لوحده قد أصيب بالتحسس بسبب انتهاء الحفاظات بل 25 طفلا اصيبوا بالتحسس في ذات الأماكن داخل مدينة مارب فقط.

                                             

يقول مدير حماية المستهلك عبد الله الياجوري إن الحفاظات لها مدة صلاحية لعامين من تاريخ انتاجها، وحين تنتهي الصلاحية تتحول المواد الحافظة في الحفاظات إلى مادة سامة قد تؤدي الى السرطان حد وصفه.

 

إدارة جمعية حماية المستهلك اكتشفت لاحقا وبعد بلاغ أطباء الاطفال في عدد من المستشفيات بمحافظة مارب أن حالات مزدوجة لاصابات اطفال بتحسس بسبب حفاظات منتهية الصلاحية تباع منها كميات كبيرة في أسواق المحافظة، وفقا للجمعية

 

ويقول مدير حماية المستهلك بمارب عبد الله الياجوري في تصريح خاص لـ" الموقع بوست" إن حالات الاطفال فتحت أعين فرق التفتيش التابعة لها لتركز خلال اسبوع كامل وتتبع مصادر تلك الحفاظات المنتهية صلاحيتها وتاجرها المورد من خلال فواتير البيع لدى تجار التجزئة.

 

 

ويظيف الياجوري بأنه توصل إلى تاجر تلك الحفاظات الغير قانونية، ووجد هنجر واسع انشئ حديثا خارج المدينة لكميات كبيرة من الحفاظات منتهية الصلاحية، اشتراها تاجر وافد إلى مارب من الأسواق الخليجية بنصف قيمتها بعد انتهاء صلاحيتها ومحاولة التخلص منها في تلك الأسواق لتباع مجددا في أسواق مارب.

 

2000 كرتونا حوالي (4طن) من الحفاظات منتهية الصلاحية وجدت داخل هنجر التاجر كان قد باع منها 100 كرتون إلى السوق في مارب، ووقع ضحيتها 25 طفل من بينهم الطفل أيمن الذي تم الابلاغ  عن حالته، حسب حماية المستهلك.

 

وتشهد أسواق محافظة مارب فلتان كبير وعدم رقابة رغم جهود مكتب الصناعة والتجارة وحماية المستهلك بقدراتهم البسيطة حسب نائب مدير مكتب الصناعة والتجارة بالمحافظة ياسر الحاشدي.

 

وقال الحشدي في تصريح خاص لـ "الموقع بوست" إن عدد التجار تضاعف في مارب إلى عشرة أضعاف عدد التجار السابقين حيث أنه خلال ثلاث سنوات تم افتتاح أكثر من 4 ألف محل تجاري وأكثر من 900 مشروع اقتصادي حد قوله مما زاد امر المراقبة صعبا بامكانيات المكتب التي تعمل بقدرات الاعوام ماقبل النزوح والتوسع التجاري.

 

واستهدفت منتجات واحتياجات الاطفال من حفاظات وحليب وبفك وشوكلاتة منتهية الصلاحية وفاسدة، كما انتشرت بشكل كبير جدا داخل مدينة مارب وخارجها.

 

 

أكثر من أبعة طن منتهية الصلاحية وفاسدة هو حجم مستلزمات الاطفال من حفاظات وبفك وشكلاتات وحليب التي تم سحبها واتلافها من قبل حماية المستهلك من ثلاث مديريات فقط (المدينة-الوادي-حريب) حسب احصائيات حماية المستهلك التي حصلنا على نسخ من تقرير لها.

 

تقول تلك الاحصائية إن عدد 2279 كرتونا من الحفاظات منتهية الصلاحية التي تم ضبطها من قبل حماية المستهلك، وأن 602 حزمة  من بفك الاطفال كانت قد انتهت صلاحياتها، بينما 13 علبة حليب اطفال منتهية الصلاحية تم سحبها من السوق وجميعها تم اتلافها حسب تقارير حماية المستهلك.

 

تهريب سلع منتهية 

 

ليسو الاطفال فقط من أخذ نصيبه من المواد منتهية الصلاحية، فهناك عشرات المهربين من التجار توافدو إلى مارب كسوق بديل لتجاراتهم الغير قانونية والفاسدة ومنتهية الصلاحية، بسبب أن سوق مأرب، نشطة، وتركوا الاسواق الراكدة شرائيا في المحافظات مثل صنعاء وغيرها.

 

 

يتحدث مدير حماية المستهلك  عن ضبط عشرات الهناجر الكبيرة التي استحدثها تجار مهربين خارج المدينة على خط(حريب بن معيلي) لتخزين فيها مواد وسلع منتهية الصلاحية او المقربة على الانتهاء، ويقومون بشرائها من الأسواق السعودية ودولة عمان باسعار زهيدة وبنصف قيمتها، ثم إدخالها عبر منافذ شحن بالمهرة والعبر بحضرموت إلى هناجرهم بمارب وبيعها للتجار في المحافظة باسعار زهيدة ايضا.

 

ويؤكد الياجوري بأن ضبط السوق يجري بشكل جيد، لكن لازال هناك مهربين وهناجر وسلع منتهية وفاسدة في مارب، وتحتاج إلى جهود كبيرة للسيطرة على السوق تماما من السلع المنتهية .

 

من جهته حمل نائب مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة مارب ياسر الحاشدي مسؤولية دخول المواد المنتهية والفاسدة والمقربة الهيئة العامة للمقاييس على المنافذ البرية والبحرية على الحدود السعودية العمانية والسواحل نتيجة ضعفها أو تساهلها مع بعض التجار حد قوله.

 

 

محلات منتهية بالكامل

 

وراجت السلع المنتهية الصلاحية والفاسدة بمحافظة مارب بشكل كبير جدا وغير معقول حسب مدير حماية المستهلك الذي أضاف أن ماتشهده أسواق مارب من تداول المواد المنتهية بهذا الحجم الكبير أمر غير طبيعي، ولم تشهد أي محافظة يمنية ما تشهده اسواق مارب حاليا.

 

ويضيف الياجوري "وجدنا في مديرية حريب ومديرية الوادي محلات تجارية كل السلع بداخلها منتهية الصلاحية بالكامل وقمنا بضبطها بالكامل كل ما في المحل اخذناه وتم اتلافه".

 

ويكشف مدير حماية المستهلك عبد الله الياجوري عن أسواق تجارية ومولات في مارب تبيع مواد منتهية ومقربة على الانتهاء داخل مدينة مارب، وبنصف قيمة السلعة، موضحا أن هناك معايير لتجارة المواد المقربة على الانتهاء، ويحدد ذلك بنوع السلعة والتي تكون استهلاكها خلال يوم او يومين كالزبادي والاجبان، أما إذا كانت السلعة تحتاج إلى استهلاكها شهر مثلا فهذا يمنع بيعها إذا كان متبقي لانتهائها 20 يوما كعصير التانج وغيره.

 

 

من جهته نائب مدير مكتب الصناعة والتجارة الحاشدي يقول إن خبايا تجارة المواد المنتهية في مارب انكشفت من قبل تجار الجملة والمستوردين من التجار الوافدين للمحافظة مؤخرا .

 

ويقول الحاشدي إن ما دفع التجار إلى ممارسة هذه التجارة الغير قانونية هو توسع السوق التجارية بمارب وحركة الشراء في المحافظة، وذلك دفع بالتجار إلى استغلال تلك الحركة النشطة للبيع والشراء ببيع وتداول المنتجات المنتهية والفاسدة القادمة من صنعاء، أو القادمة من الأسواق الخليجية، وكانت مقاربة على الانتهاء، مؤكدا أن هناك تجار اتخذو من مارب مقرا وسوقا لموادهم وسلعهم الفاسدة والمنتهية.

                                                           

ويؤكد الحاشدي وجود عبث كبير في السوق التجارية بمحافظة مأرب، ويذكر في تصريحه لـ "لموقع بوست" ضبط سلع بسبب سوء التخزين وسوء النقل، لافتا إلى أن التخزين سيئ في مارب بسبب طقس المحافظة الحار والانقطاع المتكرر للكهرباء، الأمر الذي زاد الطين بله، وزاد من تكاثر المواد الفاسدة وسيئة التخزين إضافة إلى المواد المنتهية.

 

 

ويعيد مدير حماية المستهلك عبدالله الياجوري أسباب تواجد السلع المنتهية في الاسواق بهذا الشكل إلى استرخاص قيمة بعض السلع المقربة على الانتهاء وشرائها من سماسرة ومهربين، وكذلك غباء التاجر نفسه بحقوق المستهلك، وغباء المستهلك نفسه، وعدم حرصه على صحته، والتاكد من تأريخ صلاحية كل سلعة يقوم بشرائها من بقالة او صيدلية.

 

38 طن مواد منتهية وفاسدة

 

وحسب تقارير حماية المستهلك الذي حصل "الموقع بوست" على نسخة حصرية منها للأربعة الأشهر الأولى من العام الجاري تم ضبط 38 طن من المواد الغذائية، وحفاظات الاطفال في ثلاث مديريات فقط شملها التفتيش حتى اليوم وهي مديرية حريب والمدينة ومديرية الوادي.

 

ويفصل التقرير أن مديرية الوادي تم ضبط واتلاف 15 طن من المواد المنتهية الصلاحية، فيما مديرية حريب تم ضبط واتلاف 10 طن مواد منتهية، ومديرية المدينة أتلف فيها ثمانية أطنان من المواد المنتهية الصلاحية.

 

وحسب تقرير حماية المستهلك فعدد المخالفات التي شملت المديريات الثلاث 4934 مخالفة توزعت على مديرية المدينة 1120 مخالفة، فيما حصلت مديرية حريب على 1164 وكذلك مديرية الوادي التي حصلت على 2650 مخالفة، بالإضافة إلى مواد اغاثية سيئة التخزين وفاسدة تم ضبطها وسحبها حسب التقرير وتقدر بطن.

 

 

ووفقا للتقرير فإن السلع المنتهية الصلاحية والسلع المضبوطة التي تم اتلافها تنوعت بين مواد غذائية منتهية الصلاحية ومستحضرات تجميل وصبغات ممنوعة وزيوت مقلدة وحفاظات اطفال منتهية الصلاحية وبفك اطفال وحليب واجبان وكذا مواد اغاثية في المديريات الثلاث.

 

في العلن مواد منتهية بنصف الثمن

 

المواطن أمين سرحان يقول إنه اشترى علبة إثنين لتر لبن سعودي بنصف قيمتها الطبيعية، بسبب بقاء يوم واحد فقط لانتهائها، ويقول إنها كانت تباع وسط الشارع وامام العلن بنصف قيمتها حد قوله.

 

ويبقى الناس وحدهم من يدفعون فاتورة استغلال وجشع التجار، إما من جيوبهم الخاوية أو من أرواحهم، وبحسب مدير حماية المستهلك بمارب فهذه السلع المغشوشة تلاقي رواجاً كبيراً بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون، محذراً من خطورة وانعكاسات تداول البضائع الفاسدة على الإنسان في ظل غياب ثقافة الاستهلاك، لأن غالبية السكان لا يسألون عند اقتناء السلع عن مصدرها ونوعيتها وتاريخ صلاحيتها ويركزون فقط على سعرها .


التعليقات