"سوق الحراج" ملاذ اليمنيين لكسوة أطفالهم في زمن الحرب (تقرير)
- مأرب - محمد حفيظ الخميس, 21 مايو, 2020 - 01:37 صباحاً

[ "سوق الحراج" متنفس الفقراء وساترة الأحوال لكساء العيد ]

مع ارتفاع أسعار الملابس مع قرب عيد الفطر المبارك تعزف الكثير من الأسر عن شراء ملابس جديدة، بينما تبحث عن سوق الحراج نظرا لحالة العوز وعدم توفر المال الكافي لشراء ملابس جديدة.

 

أنس وأحمد وأيمن، أولاد لطيفة إسماعيل (32 عاما) النازحة مع أسرتها بسبب الحرب إلى مدينة مأرب، حظروا جميعهم إلى سوق الفقراء لقياس ملابس تناسب أجسادهم النحيلة لارتدائها صبيحة عيد الفطر غير السعيد بالنسبة لهذه الأسرة.

 

من بين ركام الملابس تنتقي لطيفة كسوة أطفالها الثلاثة من سوق الفقراء لتوفير حاجتها بقدر ما تملك من مال ليستقبل الأطفال عيدهم بلباس مستخدم (تنزيلات).

 

 

تقول والدة الأطفال الثلاثة لـ"الموقع بوست" إنها وجدت الملابس غالية الثمن بشكل جنوني ولم تستطع شراء حاجتها وأطفالها من الملابس في المعارض داخل المدنية.

 

وتضيف بحسرة: "لم نقدر على كساء أولادنا من المعارض كسوة العيد، لذلك لجأنا إلى الحراج الذي وجدناه رخيصا، نلبس عيالنا مستخدم، ونقضي حاجتنا على قدر حالنا"، في إشارة منها إلى أن هذه الملابس كسوة عيد الفطر لأولادها بقدر حالها.

 

 وقالت إن مبلغ 20 ألف ريال تكفي لكساء أطفالها الثلاثة من الحراج، في حين أن المبلغ نفسه لا يكفي لكسوة طفل واحد لو قررت شراء ملابس جديدة.

 

 

"أن تكون ملابس نظيفة"، هو ما اشترطته لطيفة على تاجر الحراج لكسوة العيد لها ولأطفالها، وتقول الأم: "نعثر من هنا على ملابس نظيفة نلبسهم.. هذا قدر حالنا".

 

تشير لطيفة إلى أنها تعول أسرتها وتعتمد على ما يقدمه لها وأطفالها فاعلو الخير.

 

وقالت: "صحيح أن أطفالي سيتأثرون كثيرا عندما يرون رفاقهم يلبسون الجديد وهم يرتدون الحراج، لكنهم يعون ظروفنا ووضعنا المعيشي ويقتنعوا بالحاصل، فالحاصل كثير"، وفق تعبيرها.

 

 

وأردفت وهي تشير بيدها إلى تاجر الحراج: "كل مرة نكسي أطفالي من الحراج، هذا عميلنا، كلما يأتي بملابس نظيفة للحراج يتصل بي وأتي أنتقي لي ولأولادي بقدر ما نستطيع وبحسب الأهمية".

 

تؤكد لطيفة أن أسواق الحراج أصبحت مهمة جدا بالنسبة لها ولأمثالها من الفقراء لأنه -حد قولها- "لن يجد الفقراء غير الحراج لشراء  ملابس وغيرها، ففي المعارض الملابس أسعارها مرتفعة جدا في العيد أو غير العيد ولن يكفي حالهم إلا الحراج".

 

تضيف أن "أسواق الحراج حلت مشاكل كثيرة وسترت أحوال ناس كثير، أعرف أسرا كثيرة تشتري كسوة العيد من الحراج ولكنهم لا يريدوا الناس الآخرين يعرفوا أنها تشتري ملابس من سوق الحراج وحتى تخفي على أطفالهم أنها ملابس حراج".

 

 

هكذا أصبحت أسواق الحراج ملاذ الفقراء والنازحين وأسواقا للمحتاجين التي تنتشر قبيل عيد الفطر في شوارع مأرب بكثرة تعرض الملابس المستخدمة بأسعار بسيطة لزبائنها البسطاء كبديل لكل من لا يستطيع كساء أطفاله الجديد باهظ الثمن.

 

ارتفاع أسعار الملابس الجديدة والفقر والحاجة ألهم لطيفة ومئات النساء العفيفات على أسواق الحراج التي تلبي حاجتها "على قدر فراشها مدت أقدامها"، كما يقول أحد الأمثال الشعبية.

 

تنتشر أسواق الحراج بمأرب بالقرب من مخيمات النازحين كأنها تعرف من أين تصدح أنات الآباء والأمهات وجيوبهم الخاوية عند سماع حديث أطفالهم عن قدوم العيد.

 

 

من جهته، تاجر أحد معارض الحراج بمدينة مأرب زياد أحمد الكدم يقول إن العمل يزداد هذه الأيام لديه بسبب قدوم العيد وقرب معرضه من مخيم النازحين الذي معظم زبائنه منهم ولأن الناس مضطرين لها.

 

ويضيف الكدم في حديثه لـ"الموقع بوست" إن الناس يذهبون إلى المحال الجديدة ولا يقدرون على شراء حاجتهم من الملابس الجديدة بسبب غلاء أسعارها، بينما يضطرون للعودة إلى الحراج.

 

 

ويقول زياد: "نحن نتاجر ببضائع للمساكين والفقراء من النازحين والعمال والمحتاجين وهم أكثر الناس الذين يشترون هذه البضاعة بسبب الفقر وعدم صرف المعاشات للموظفين والعسكر وانتشار البطالة ونحن نوفر ملابس للرجال والنساء والأطفال والفتيات من فساتين وكل ما يحتاجه الناس الفقراء وبأسعار بسيطة وقليلة جدا".

 

ويشهد اليمن للعام السادس حربا عنيفة أدت إلى إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، حيث بات 80 بالمئة من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ودفع الصراع الملايين إلى حافة المجاعة.


التعليقات