[ النفوذ الاماراتي الصيني جنوب اليمن ]
سلطت منصة دولية الضوء على التحركات الإماراتية والصينية جنوب اليمن الذي يشهد صراعا منذ قرابة تسع سنوات بقيادة السعودية والإمارات.
وتطرقت المنصة المتخصصة في معارضة الحروب "آنتي وور" في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إلى علاقات الصين باليمن التي بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي.
كما يسلط التقرير الضوء على كيفية توقيع المجلس الانتقالي الجنوبي على ميثاق وطني لإعادة حدود عام 1990 في محاولة جديدة لتقسيم اليمن بين الشمال والجنوب. وكان الحراك الجنوبي موجودًا قبل فترة طويلة من سيطرة الحو_ثيين على صنعاء، وقد حاولوا فك الارتباط عن اليمن منذ إعادة توحيد البلاد في عام 1990.
وقالت "لقد كان جنوب اليمن دولة اشتراكية مستقلة منذ 1967 إلى 1990، ولا يزال العديد من عمال الموانئ في جنوب اليمن منتسبين إلى نقابات. وتعود علاقة الصين باليمن إلى خمسينيات القرن الفائت عندما أصبحت المملكة المتوكلية في شمال اليمن ثالث دولة في العالم العربي تعترف بجمهورية الصين الشعبية".
وافاد التقرير "أقامت روسيا والصين علاقات مع شمال اليمن لمواجهة الاستعمار الإنجليزي لجنوب اليمن، ولم تكونان مهتمتين فقط باليمن، حيث كان كلا البلدين من المساهمين الأساسيين في تمرد ظفار في جنوب عمان ضد النظام المدعوم من بريطانيا والذي بدأ في عام 1963".
وذكر أن الصين استمرت في دعم الجماعات اليسارية في جنوب اليمن وسلطنة عمان، تاركة طعما سيئا في فم الغرب ودول الخليج الغنية بالنفط. وعقب تمرد أهالي عدن على البريطانيين وطردهم من المدينة في 1967، ساعدت الصين في إعادة بناء جنوب اليمن وتنميته بقرض 9.8 مليون دولار في 1968، وقرض آخر بقيمة 43.2 مليون دولار في عام 1970. وبدأت التوترات بين الصين ودول الخليج في الذوبان خلال السبعينيات حيث أصبحت الصين متعطشة للنفط، وسعت إلى إعادة بناء صورتها في عيون دول الخليج الغنية بالنفط.
وبحسب التقرير فإن السعودية والصين أطلقتا مشروعا سريا بقيمة مليار دولار لبناء برنامج صاروخ باليستي متوسط المدى في عام 1978 لم يكن العالم الغربي يعرفه علنا حتى عام 1988.
وبحسب المنصة فقد كان جنوب اليمن دولة اشتراكية مستقلة منذ 1967 إلى 1990، ولا يزال العديد من عمال الموانئ في جنوب اليمن منتسبين إلى نقابات. وتعود علاقة الصين باليمن إلى خمسينيات القرن الفائت عندما أصبحت المملكة المتوكلية في شمال اليمن ثالث دولة في العالم العربي تعترف بجمهورية الصين الشعبية.
وطبقا للتقرير الذي أعده الباحث "جوزياه ثاير" فإن مستشار الأمن القومي "جيك سوليفان" توجه إلى السعودية، حيث اجتمع مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكذلك طحنون بن زايد آل نهيان ولي عهد الإما_رات، ومع أجيت دوفال مستشار الأمن القومي الهندي في وقت سابق من هذا الشهر.
وصرح البيت الأبيض أن الاجتماع كان هدفه "تعزيز رؤية المجتمعين المشتركة لمنطقة شرق أوسط أكثر أمانا وازدهارا، ومترابط مع الهند والعالم"، وهو بلا شك محاولة لتفنيد التحركات الأخيرة التي قامت بها الصين في منطقة الشرق الأوسط، كالانفراجة الأخيرة الذي توسطت فيها الصين بين إيران والسعودية.
الإمارات والحراك الجنوبي
وفقا للتقرير تحدث ديف ديكامب عن الكيفية التي كرر بها السعوديون أن جميع الأطراف تعتزم السلام، لكن من غير الواضح في أي وقت سيتم إبرام الصفقة.
ولفت إلى أن لإمارات قامت بتغيير النظام البيئي في جنوب اليمن من خلال تعزيز الجماعات المقاتلة المختلفة وتأسيس وجودها على الأرض بسرعة في عدن عقب التدخل السعودي في عام 2015.
وأوضح أن الإمارات تمول وتسيطر على قوات النخبة الحضرمية، قوات النخبة الشبوانية، كتائب العمالقة، وقوات الحزام الأمني. لافتا إلى أن كل هذه المجموعات تدعم المقاومة الوطنية في اليمن، وقد أثبتوا أنهم مقاتلين شرسين في ساحة المعركة مدربين تدريبا جيدا، ومجهزين بمعدات عسكرية من الدرجة الأولى من قبل الإمارات.
وقال "لطالما كان للإمارات ثلاثة أهداف رئيسية في اليمن. فقد كانت المهمة الأولى والأكثر أهمية هي محاربة الإخوان المسلمين في اليمن وإقامة حليف قوي في المنطقة.
وأشار إلى أن الإمارات فعلت ذلك من خلال مساعدة السعوديين والحكومة المعترف بها دوليا في قتالهم ضد الحوثيين. وفي أكتوبر 2018، ذكر كاتب هذا التقرير كيف دفعت الإمارات لمرتزقة أمريكيين وإسرائيليين 1.5 مليون دولار شهريا لاغتيال أئمة الإصلاح والشخصيات السياسية في اليمن.
وطبقا للتقرير فإن مشروع بيانات موقع النزاع المسلح نشر بيانات مذهلة تبين أن أكثر من ثلاثين إماما وشخصية سياسية في حزب الإصلاح تعرضوا للاغتيال في أوائل عام 2018 جنوب اليمن. واعترف أبراهام غولان، مؤسس مجموعة مجموعة عمليات "سبير"، علانية لموقع "بزفيد" بأن مجموعته المرتزقة اغتالت أئمة الإصلاح والشخصيات السياسية في جنوب اليمن. وأخبر غولان الموقع أن مجموعته ستحصل على أهداف مباشرة من أفراد عسكريين إماراتيين يرتدون الزي الرسمي لأسباب قضائية. وتم التقاط إحدى محاولات الاغتيال الفاشلة لـ "سبير" على شريط فيديو بطائرة بدون طيار نشرها بزفيد.
وبحسب التقرير فإن لقطات الطائرة بدون طيار تظهر مجموعة سبير وهي ترافقها مركبات عسكرية إماراتية وأحد أعضاء فريق المجموعة يطلقون النار على مدنيين أبرياء اقتربوا من عمليتهم بينما يضع عضو آخر في الفريق قنبلة على باب مكتب شخصية بارزة في الإصلاح. لقد حدث خطأ ما، وفزعت مجموعة سبير، بينما شوهد أحد أعضاء الفريق وهو يركض في الشارع ويقفز في مركبة عسكرية إماراتية. وتتسارع السيارة الإماراتية الموجودة في مؤخرة القافلة إلى حيث يضع عضو فريق اسبير شحنة، ويقفز المرتزقة في المركبة العسكرية فور انفجار الشحنة. وتنطلق جميع الشاحنات مع تدمير انفجار ثان للسيارة التي كان يستقلها المرتزقة.
وأكد أن الإمارات تحالفت على نحو استراتيجي مع الجماعات المسلحة في مدن جنوب اليمن المنتشرة على الساحل. وقد عزلت الإمارات خصمها الأقوى في المنطقة بشن هذه الحرب بالوكالة ضد حزب الإصلاح.
يضيف "في الوقت ذاته، أمنت الإمارات الممرات المائية قبالة الساحل اليمني لحماية الممرات الملاحية الحيوية لاقتصادها. وتعود الروابط بين الإمارات، الحراك الجنوبي، والصين إلى عام 1984، عندما أقام البلدان علاقات دبلوماسية. وقد زار أحد الآباء المؤسسين لدولة الإمارات، الشيخ زايد، الصين في عام 1990، وازدهرت علاقتهما على مدار العشرين عاما الماضية. وفي 2018، أصبح شي جين بينغ أول زعيم صيني يذهب إلى الإمارات منذ 29 عاما.
الصين والعربية السعيدة
وبشأن التواجد الصيني بالمنطقة قالت المنصة "كانت إيران وسلطنة عمان هما الدولتان الوحيدتان في الشرق الأوسط اللتان تزودان الصين بالنفط في عام 1990. ولكن بحلول عام 1999، أصبحت اليمن ثاني أكبر مورد للنفط في العالم إلى الصين. وبدأت شركتا سينوبك وسينوكيم بالاستثمار في حقول النفط والغاز اليمنية منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ووقعت سينوبك صفقة بقيمة 72 مليون دولار للتنقيب عن النفط في محافظة شبوة ومحافظة حضرموت في عام 2005. وبعد ثلاث سنوات، زادت الصين من استثماراتها في النفط والغاز اليمني عندما استثمرت سينوكيم 465 مليون دولار مقابل حصة 16.78٪ في القطاع 10، الواقع في شبوة الشرقية.
وقال "كان المستثمرون من أنحاء العالم مهتمين بالذهب اليمني، حيث أفاد البنك الدولي في 2009 أن اليمن لديها ودائع ضخمة من الذهب.
وذكر البنك الدولي أن منجم ذهب واحد في محافظة حجة يمكن أن ينتج 200 أوقية من الذهب سنويا لمدة عشر سنوات على الأقل. وابتعد المستثمرون عن التنقيب عن الذهب في شمال اليمن لأن حركة الزيدية، المعروفة اليوم باسم الحو_ثيين، تمردت على نظام صالح. وواجهت الحكومة اليمنية ضغوطا من السعودية لقمع الانتفاضة على حدودها، وأطلقت عملية الأرض المحروقة بالتعاون مع المملكة. وقد قتلت عملية الأرض المحروقة قرابة 8000 شخص، معظمهم من المسلمين الشيعة، بينما أجبرت أكثر من 50000 آخرين على الفرار من منازلهم.
يتابع التقرير "بحلول 2010، بلغت قيمة الصادرات الصينية إلى اليمن نحو 1.2 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الواردات الصينية من اليمن 2.78 مليار دولار.
وأردف "ظلت اليمن والصين شريكين تجاريين قويين، لكن اليمن لم تستطع مواكبة طلب الصين المتزايد على النفط. ومع اندلاع الربيع العربي في الشرق الأوسط وهزت ثورة الكرامة اليمنية صنعاء، كانت الصين تتطلع إلى السعودية لتروي عطشها النفطي. وافترض صالح أن الصين وروسيا ستصوتان ضد خطة دول مجلس التعاون الخليجي لإزاحته من السلطة عام 2011، وعلى الرغم من تلك الثقة، صوت مجلس الأمن بالإجماع على استبدال صالح بمنصور هادي كون الإمارات والسعودية كانتا أكثر ملاءمة لتلبية الطلب الصيني.
وكشفت التقارير الإخبارية في عام 2013 أن الصين كانت تخطط لبناء محطتين للطاقة في اليمن بقدرة 5000 ميغاواط، كما أعلنت عن خطط لتمويل توسيع الموانئ في عدن والمخا. وخطط الرئيس هادي للقيام برحلة دبلوماسية إلى الصين لتوطيد الصفقات الاقتصادية والتنموية، لكن الوضع المتدهور في اليمن منعه من القيام بهذه الرحلة. واختارت الصين النفط من دول الخليج وأمن الممرات المائية الحيوية المحيطة باليمن، والتي تعتبر حيوية لاقتصاد الصين، على شعب اليمن.
يتابع التقرير "في 2016، عقب أيام قليلة من إعلان الحوثيين وصالح ما أسموه "حكومة الإنقاذ الوطني"، دُعيت قيادات من الحوثيين إلى الصين. وتألف الوفد الذي سافر إلى هناك من حمزة الحوثي، محمد عبد السلام، ومهدي المشاط. وتمت معاملة الحوثيين على مأدبة عشاء على شرفهم حيث التقوا دينق لي، نائب وزير الخارجية الصيني الحالي. كان على الصين طمأنة المجتمع الدولي بأنها لا تؤيد الحوثيين أو إيران، ولا تدعم التحركات الأحادية الجانب التي يقوم بها أي جانب.
وزاد "قد بدأ المد في التحول في 2017 عندما عرضت الصين التوسط في العلاقات بين إيران والسعودية. ووقعت الصين والمملكة صفقات في مجال الطاقة وتكنولوجيا الفضاء تزيد قيمتها عن 65 مليار في مارس 2017، حيث أصبحت اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ومضى التقرير بالقول "أدركت الصين أنه بمساعدة الإمارات، فإن الاضطرابات في اليمن لن تعرض مصالحها الاقتصادية للخطر. كما لم تؤد حرب اليمن إلى إبطاء حركة المرور عبر مضيق باب المندب، بل زادت الحركة البحرية والتجارة البحرية فقط مع تقدم الحرب هناك".
وختمت المنصة الدولية تقريرها بالقول "طالما أن الحرب في اليمن لم تهدد الأمن أو المصالح المالية للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإنه ليس لديهم سبب لإنهاء الحصار المفروض على اليمن، لافتا إلى أن الصين ضمنت طريقها عبر مضيق باب المندب من خلال بناء أول قاعدة عسكرية وبحرية خارج الصين في جيبوتي.
*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست