[ جزيرة ميس أو كاستيلوريزو في قلب التوتر التركي اليوناني (الأناضول) ]
خلال الأيام الماضية جرى رصد تحركات عسكرية يونانية غير معتادة في جزيرة ميس، وذلك في خضم التوتر المتصاعد بين أثينا وأنقرة بشأن السيادة والحقوق الاقتصادية شرقي البحر المتوسط.
وتقع هذه الجزيرة -التي تفرض اليونان عليها سيادتها- على بعد كيلومترين فقط من ساحل بلدة كاش التركية في ولاية أنطاليا، وتبعد عن البر اليوناني أكثر من 580 كيلومترا.
وتعد هذه الجزيرة بحكم اتفاقيات مبرمة جزيرة منزوعة السلاح، لكنها طالما كانت إحدى بؤر التوتر بين الجانبين.
وعرفت الجزيرة على مدى تاريخها بأسماء عدة، أشهرها كاستيلوريزو، وميس، وقزل حصار (تعني باللغة التركية القلعة الحمراء).
وقال مراسل الجزيرة المعتز بالله حسن الموجود حاليا في أنطاليا قبالة هذه الجزيرة إنه رصد وصول قارب مسلح هناك، مشيرا إلى ما تردد في الأيام الماضية عن تسليح اليونان الجزيرة، وهو ما تحظره الاتفاقات المبرمة بشأنها.
ورصدت خدمة سند للرصد والتحقق في الجزيرة صور أقمار صناعية ومقطع فيديو تظهر تحركات عسكرية يونانية في الجزيرة وجزيرتين أخريين مجاورتين لها.
وتظهر الصور -التي تأكدت سند من صحتها- وجود جنود يونانيين وعربات عسكرية في الجزيرة.
وأظهرت صور أخرى قوات وتحصينات يونانية على جزيرة رو التي تقع على بعد 5 كيلومترات غرب ميس، وكذلك على جزيرة ستروغيلي شرق ميس.
وتتخذ اليونان من هذه الجزيرة والجزر المجاورة حجة على دعواها بعدم وجود حقوق لتركيا في تلك المنطقة شرقي البحر المتوسط، على أساس أنها تشكل جزءا من الجرف القاري لليونان، في حين ترفض أنقرة تلك الدعاوى ولا ترى سندا قانونيا أو منطقيا لها، نظرا إلى وقوع تلك الجزر على بعد نحو 600 كيلومتر من البر اليوناني، وضمن الجرف القاري لتركيا، حسب قولها.
وفي ظل التوتر المتصاعد، قالت وكالة الأناضول التركية الرسمية للأنباء إن فريقها الذي أرسلته للتغطية الإعلامية في جزيرة ميس تعرض لاتهامات بالتجسس وتسريب بيانات شخصية.
وذكرت الوكالة أن موقع "توركيكانيا" اليوناني (Tourkikanea.gr) -الذي وصفته بالمتطرف- تهجم على فريقها واتهمه بالتجسس.
ونقلت الوكالة عن متحدث باسم المفوضية الأوروبية قوله إنه ينبغي على السلطات اليونانية إطلاق تحقيق فيما حدث.
في غضون ذلك، وجه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم الجمعة انتقادات شديدة اللهجة لليونان وفرنسا.
وقال جاويش أوغلو إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "جن جنونه" أمام تطورات الأوضاع على الساحتين الليبية والسورية، وعلى الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط.
مبادرة الناتو
وفي الوقت نفسه، اتهم الوزير التركي أثينا بالكذب بشأن مبادرة حلف شمال الأطلسي (ناتو) (NATO) لإجراء محادثات بين الجانبين التركي واليوناني لنزع فتيل التوتر.
وقال الوزير إن "الأمين العام لحلف الناتو أعلن عن المبادرة عقب سؤال اليونان عن رأيها بشأنها وحصوله على موافقتها، ولم نتفاجأ بما قامت به اليونان، للأسف كذّبت الأمين العام للحلف، لكن من يكذب هنا هي اليونان نفسها، وأظهرت مرة أخرى أنها لا تدعم فكرة الحوار".
وتقول أنقرة إنها وافقت على مبادرة الناتو باعتبارها أمرا طبيعيا لمنع أي اشتباك بين الدول الأعضاء في الحلف.
وقال مراسل الجزيرة إن وزير الخارجية التركي أجرى اليوم اتصالا مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بحثا فيه آخر التطورات بشأن التوتر الحاصل في شرق المتوسط.
وفي وقت سابق، أوضح ستولتنبرغ أن المقصود بمبادرة الحلف إجراء محادثات فنية تهدف إلى وضع آليات لفك الاشتباك، وتستكمل جهود المفاوضات التي تعمل عليها ألمانيا بين أنقرة وأثينا.
من جهته، أكد المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت سعي بلاده إلى خفض التصعيد في شرق المتوسط، وأضاف أن برلين ستساهم قدر استطاعتها في الدفع نحو إجراء حوار بين أنقره وأثينا لبحث قضايا الخلاف بينهما.
من جهة أخرى، أعلن الاتحاد الأوروبي دعمه لليونان وقبرص في مواجهة تركيا بشأن أزمة شرقي المتوسط.
وقال المتحدث باسم لجنة السياسات الخارجية في الاتحاد بيتر ستانو إن دعم البلدين هو أمر أساسي لأعضاء الاتحاد، مضيفا أن الحوار هو السبيل الوحيد لنزع فتيل التوتر بين الجانبين.
وقد نقلت اليونان هذا الملف من أروقة الناتو والاتحاد الأوروبي إلى الأمم المتحدة، إذ أكد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس تقديم وزير الخارجية إيجازا إلى الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ما وصفها بأنشطة تركيا الخارجة عن القانون.
وقال ميتسوتاكيس إن "اليونان تريد وباستطاعتها إجراء حوار بشأن ترسيم الحدود البحرية في بحر إيجة وشرقي المتوسط استنادا إلى القانون الدولي ومن دون التعرض للابتزاز ومنطق التحريض، لنضع التهديدات جانبا لإفساح المجال أمام بدء المحادثات".