بعد ثلاثة عقود من الوحدة.. اليمن إلى أين؟ هل دولة اتحادية أم تقسيم؟ (تقرير)
- خاص السبت, 23 مايو, 2020 - 12:31 صباحاً
بعد ثلاثة عقود من الوحدة.. اليمن إلى أين؟ هل دولة اتحادية أم تقسيم؟ (تقرير)

[ تصعيد الانتقالي الجنوبي في عدن ومصير الوحدة اليمنية ]

تعيش محافظات الجنوب بعد ثلاثة عقود من الوحدة بين شطري اليمن، في ظل حالة من الاضطراب بسبب جولات الحرب التي تشهدها بين مليشيات ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات العربية المتحدة، والحكومة اليمنية.

 

حالة الفوضى جعلت مصير الجنوب غير واضح، خاصة بعد إعلان الانتقالي عن تفعيل الإدارة الذاتية للجنوب التي تعارضها قوى عديدة هناك، ورفضهم تنفيذ اتفاق الرياض الذي وقعوا عليه، واستمرار رفض وجود ومزاولة الحكومة عملها من عدن.

 

ويؤكد الرئيس عبد ربه منصور هادي -في كلمته بمناسبة العيد الوطني الـ30 لقيام الجمهورية اليمنية 22 مايو- أن الإعلان عن الوحدة لم يكن سوى تجسيد لحقيقة راسخة في التاريخ، تشير إلى شعب واحد منذ الأزل ثقافة وهوية ولغة وتاريخا وجغرافيا، ورغم فترات التشظي والانقسامات والصراعات في تاريخ اليمن، إلا أن الشعب بقي واحدا وعظيما وسيبقى دائما وأبدا في ظل دولته الاتحادية العادلة.

 

وفي ذكرى الوحدة التي تحققت في اليمن عام 1990، دعا 15 حزبا سياسيا باليمن، المواطنين إلى الوحدة لمواجهة "قوى الشر الانقلابية"، في إشارة إلى الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرين إلى أن الوحدة "ظلت هدفًا وأملًا متجددًا في فكر الحركة الوطنية وقواها السياسية والاجتماعية، طوال عقود من النضال حتى تحقق الحلم وباتت نقطة مضيئة في تاريخ الأمة العربية الحديث والمعاصر".

 

رفض جنوبي للانفصال

 

سوداوية الواقع هناك خاصة مع تدهور الأوضاع الصحية خصوصا واستمرار إعاقة عمل الحكومة، وتركيز الانتقالي على السيطرة على موارد الدولة، يجعل مصير الجنوب غامضا، خاصة أن المجلس ترك الأوضاع على ما هي عليه دون التحرك لإنقاذ المواطنين الذين يواجهون الموت.

 

في صعيد ذلك، يذكر الكاتب والباحث السياسي موسى عبد الله قاسم أن "الأحداث الماثلة اليوم أمامنا في بعض المحافظات الجنوبية لم تكن لتحدث لولا الانقلاب المليشياوي على إرادة اليمنيين ومخرجات حوارهم في سبتمبر من العام 2014، فقد كنا على مشارف عهد جديد عنوانه بناء الدولة اليمنية الاتحادية بعد ثورة شعبية سلمية جارفة، لكن مؤامرات الخارج وخيانة الداخل حرفت ذلك المسار الوطني، وحدث الانقلاب السلالي على الدولة".

 

 وبناء على ذلك، يرى قاسم في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن ما يحدث في بعض المحافظات الجنوبية في طبيعته لا يعدو كونه مواصلة لألاعيب الخارج ومؤمراته على اليمن، هوية وجغرافيا، موضحا أن "كل من يتربع اليوم صهوة الدعوات الانفصالية، يتم تحريكهم من الخارج وهم قطعا لا يمثلون محافظات الجنوب"، مدللا على ذلك بالإشارة إلى مسيرات شباب عدن التي خرجت مؤخرا، ورفضهم المشاريع القروية المدعومة من الخارج، ومناداتهم ببسط سلطة الدولة الشرعية كممثلة لهم ولتطلعاتهم.

 

فضلا عن ذلك، فإن إقليم حضرموت -وفق قاسم- نأى بنفسه عن المشاريع "القروية" الداعية لتقسيم اليمن خاصة في المواجهات الأخيرة ورفض المشروع الانفصالي، وهذا دليل على أن ما يعتمل خارجيا لتفتيت الجسد اليمني يواجهه أبناء اليمن شمالاً وجنوبا، متوقعا أن يكون مصير دعوات تفتيت الوحدة هو الفشل المحتوم. لكن ذلك يتوقف على حضور الشرعية في المشهد السياسي والخدمي والعسكري، خاصة بعد حالة التذمر الشعبية الواسعة من سيطرة المليشيات على عدن وغيرها من المحافظات.

 

تصعيد ورفض مشروع الإمارات

 

مع وجود انقسامات كثيرة في الجنوب وعدم التفاف كل القوى في المحافظات هناك حول الانتقالي، فإن مختلف المعطيات -بالنسبة للإعلامي عبد الرقيب الأبارة- تعني أن الجنوب يتجه نحو مزيد من التصعيد، نتيجة رفض مليشيا الانتقالي الالتزام باتفاق الرياض، وهو جانب إذا ما استمرت فيه فإنه قد يقود إلى حرب أهلية شبيهة لتلك التي حدثت في يناير/كانون الثاني 1986.

 

وفي تصريحه لـ"الموقع بوست" لا يعتقد الأبارة أن هناك جوا من التفاؤل بخصوص الوصول إلى حل حاليا، بسبب تعقيدات المشهد، إضافة إلى أن الرعاة الدوليين للمليشيات كالإمارات، تسعى لصب مزيد من الماء على الزيت المشتعل أصلا في الجنوب.

 

وعلى الرغم من استمرار دعم الإمارات للانتقالي، إلا أن رغباتها تبدو للأبارة أنها ستتكسر أمام الرفض الشعبي المتصاعد لها في الجنوب، خاصة في ظل خروج الكثير من أبناء عدن ضد مشروعها.

 

الحاجة لتحرك الشرعية

 

في محاولة لإيجاد سيناريو يمكن من خلاله حل ما يجري في الجنوب، يفيد الباحث قاسم أن حضور الشرعية في المحافظات الجنوبية سياسيا وعسكريا وخدميا، ومغادرة حالة الاغتراب التي تعيشها وتزمين تدخل التحالف العربي على قاعدة دحر الانقلابات في صنعاء وعدن، هو المدخل لحل كل الإشكالات الحاصلة، لافتا إلى أن أغلب مشكلات البلاد محركها خارجي سواء التحالف ممثلا بالسعودية والإمارات أو إيران، ولذلك فإن مواجهة التحالف بالحقائق التي يجب عليه إدراكها هو المدخل للحل الناجع لكل ما يجري في اليمن شمالا وجنوبا.

 

وأضاف "لا يوجد دولة من دول العالم إلا وفيها نزعات انفصالية بما في ذلك الدول العظمى كالصين، هذه الدعوات تواجه بقوة من المجتمع الدولي، وإن تمت من طرف واحد فلا أحد يعترف بها، كما حصل في إقليم كوردستان العراقي"، وبناء على ذلك يرى قاسم أن من المستحيل أن يعترف أحد بما يسمى بالجنوب العربي فيما لو حصل الانفصال.

 

وبحسب الباحث اليمني فإن الدعوات الانفصالية في الجنوب يتم دعمها من دولة الإمارات التي تعد باستعادة الدولة، من أجل أطماعها وتحقيق مصالحها الذاتية في خضم الصراعات الجيوسياسية على النفوذ والسيطرة في المنطقة، وهدفها من ذلك أيضا إنشاء صوماليا لاند جديدة على الضفة الأخرى من الشريط الساحلي اليمني خاصة عدن ومنطقة باب المندب، مستبعدا حدوث ذلك، "لأن اليمن عبر تاريخها ابتعلت إمبراطوريات غازية وطردتها، فكيف بدولة ناشئة تستند على سيقان دجاجة كما وصفها أحد المفكرين العرب".

 

يُذكر أنه سبق وأن تم عمل حل للقضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني لحديث بعض قوى الجنوب عن عدم إنصافهم وتهميشهم بعد الوحدة، لكن تلك المخرجات وما د ار حول بعض نقاطها من جدل، لم ترَ النور، فسرعان ما نفذ الحوثيون انقلابهم وأسقطوا الدولة، ولم تخرج بعد البلاد منذ لك الحين من دوامة الحرب.


التعليقات